هل هناك فرق بين العطف والتعاطف

منذ 2 شهور
هل هناك فرق بين العطف والتعاطف

هل هناك فرق بين العطف والتعاطف تتداخل المشاعر الإنسانية كثيرًا، فيحدث خلط بين مفاهيم قد تتشابه في اللفظ، ولكنها مختلفة كل الاختلاف في المعنى، ومن تلك التعبيرات التي يحدث فيها تداخل وخلط كلمتا العطف والتعاطف، مع أن السلوكيات وردود الأفعال المرتبطة بكل منهما مختلفة عن الأخرى تمامًا، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل من خلال هذا المقال عبر موقع الماقه.

سبب الخلط بين مفهومي العطف والتعاطف

يتساءل كثير من الناس عن هل هناك فرق بين العطف والتعاطف وطالما أن هذا السؤال قد أخذ حيزًا من الوجود فبالتأكيد لابد أن يكون قد حدث خلط عند السائل، وإنما يحدث الخلط بين العطف والتعاطف لدى البعض لأسباب كثيرة:

  • التقارب بينهما في اللفظ والاشتقاق من ناحية اللغة، فكلا الكلمتين تستمدان وجودهما من مصدر واحد هو مادة (عطف) أي العين والطاء والفاء، فلو أرد البحث عن أي منهما في معاجم اللغة العربية لوجدتهما معًا في باب العين فصل الطاء مع مراعاة الفاء كما يقول اللغويون.
  • أن كليهما شعور إنساني يصدر نحو الآخرين يشعر به الإنسان على تنوع ثقافاتهم وميولهم، فما من إنسان إلا وانتابه شعور بالعطف على إنسان آخر، أو تعاطف معه في قضيته.
  • أنهما من فصيلة الصفات المحببة والتي يحبها الإنسان في نفسه وفي الآخرين، وليست من الصفات الشريرة التي تنقبض النفس عند سماعها.
  • أنهما يدلان على نبل صاحبهما وأن قلبه مملوء بالرحمة والصفاء والنقاء تجاه الآخرين.

كل تلك الأسباب جعلت البعض ينتابه شعور بأن الكلمتين بمعنى واحد، أو أن يستعمل إحداهما مكان الأخرى، أو يجعله يتساءل ما هو الفرق بين العطف والتعاطف

تعريف العطف

  • هو ينتمي إلى فصيلة الصفات التي تدل على الشفقة والرحمة واللين والرفق وغير ذلك من أفعال القلوب النبيلة التي يرتاح الإنسان عند سماعها، وقد عرفه صاحب القاموس المحيط بأنه: رقة ولين يشعر بها الفرد داخل قلبه ناحية والعطف على المسكين والإشفاق والحنو عليه وعلى القير وذي الحاجة.
  • وهكذا فإن العطف عبارة عن شعور بشري يجتاح الإنسان عندما يوجد ما يبرره من وجود شخص ضعيف أو محتاج أو مسكين يحتاج إلى العطف والشفقة.
  • ويتبع هذا الشعور بالعطف تأثر شديد بظروفه وما انتابه من ضعف، ليس ذلك فحسب، وإنما يجد الشخص داخله رغبة قوية في مد يد العون له  ومساعدته بكل ما يستطيع من الكلمة الطيبة والتخفيف عنه بالقول والمواساة ونحو ذلك من الدعم المعنوي الذي يمكن أن تقدمه له.
  • فالعطف شعور يجعل الإنسان يكتفي فيه فقط بمجرد الشعور نحو من يشعر نحوه بالشفقة والحنو، ولا يتخطى ذلك إلى السلوكيات والأفعال، ولا يكلف نفسه عمل شيء  من أجل إزالة أسباب المحنة أو الظلم الذي يتعرض له الشخص المستحق للعطف معه، أو ما يعبر بـ (الشعور الساكن).

تعريف التعاطف

  • لكي نفهم جيدًا ما هو الفرق بين العطف والتعاطف فلابد أن نتعرف على معنى التعاطف بعد أن تعرفنا على معنى العطف.
  • والتعاطف هو النصر والتأييد والمؤازرة، بمعنى أنه شعور إنساني بشري كذلك كالعطف، إلا أنه لا يكون نحو أفراد يستحقون الشفقة والعطف من الضعفاء واليتامى وأصحاب الظروف التي يحتاج أصحابها إلى الدعم المعنوي.
  • لا بل هو قد يكون نحو أي إنسان في محنة وفي ظرف طارئ على حياته يحتاج والمؤازرة والوقوف بجانبه تجاوز تلك المحنة أو ذلك الظرف الطارئ، حيث يرى صاحب القاموس أن التعاطف هو: التناصر والتأييد والمؤازرة).
  • غير أن المتعاطف في الغالب يكون إيجابي المشاعر إيجابي الأفعال، فهو يتحرك لفعل شيء، ويعلن عن رأيه صراحة أمام الناس أنه متعاطف مع ذلك الشخص ومؤازر وداعم له في محنته، ويتفاعل مع محنته، بل ويدعو الآخرين إلى التفاعل مع ذلك الشخص والوقوف معه.
  • بل إن المتعاطف قد يرى الشخص الذي يتعاطف معه، ويعلم أن لديه ظروفًا اقتصاديًة غير مستقرة، وأنه يعاني من فقد ماله، ونحو ذلك من الظروف الطارئة، فيحاول بكل ما يملك أن يقدم له يد المساعدة، و ينتشله من محنته، ويحاول أن يخفف عنه بكل قوة.
  • فهو من التفاعل أو ما يعبر عنه بـ (الشعور الديناميكي).

هل هناك فرق بين العطف والتعاطف

من خلال ما سبق طرحه يمكننا الوقوف على ما هو الفرق بين العطف والتعاطف فمع أنهما يشتركان في اللغة وفي المشاعر البشرية التي يصدرها الإنسان تجاه الآخرين، إلا أن بين كل من العطف والتعاطف تباين واختلاف وتفاوت في المعنى يمكن حصرها في النقاط التالية:

  • أن العطف هو شعور الإنسان بالرحمة والإشفاق واللين تجاه شخص معين نظرًا لظروف معينة أغلبها ثابت كالفقر أو الضعف أو العوز أو اليتم، فيحاول العاطف أن يتقمص دور المعطوف عليه، ولكنه لا لا يهتم ولا حاول أن يخفف عنه أوجاعه وآلامه، ولا يسعى إلى حلول فعلية يحاول بها أن يخفف عنه.
  • في حين أن التعاطف هو شعور والمؤازرة والتأييد والدعم لشخص آخرى تعتريه محنة طارئة عليه ويحتاج إلى التعزيز والدعم الفوري حتى يتخطاها، إلا أن المتعاطف لا يكتفي بالشعور بالمؤازرة وأنه متأثر بظروفه ويتمنى مساعدته، ويحاول أن يخرج عن حيز أمنياته ودعمه المعنوي فقط.
  • وسنحاول شرح ذلك الفرق بين العطف والتعاطف بمثال: إذا أصيب شخص بمحنة فقد أمواله التي كان يرتكز عليها ويعول عليها كثيرًا في تربية أبنائه أو قضاء مصالحهم وتوفير مسكن لهم، فإن هذا الشخص قد يستثير عاطفة العطف أو التعاطف لدى شخصين مختلفين، فتعالوا لنتعرف على موقف كل من العطف والتعاطف تجاه هذا الشخص:
  • فالعواطف: يشعر بشعوره ويتأثر محنته ويود لو وقف بجانبه، ولكنه يتوقف عند هذا الحد من الشعور بالحزن والشفقة.
  • أما المتعاطف: هو يشعر في نفسه بالحزن لما أصاب ذلك الشخص، ويشعر نحوه المناصرة والمؤازرة، ويذكر مواقفه الشخصية المشابهة، وربما يعلن للمحيطين به أنه متعاطف مع هذا الشخص وحزين لأجله، ويتحرك فعلاً من أجل مؤازرته ودعمه دعمًا ماديًا أو عينيًا، ويذهب إليه ويقوم بمواساته، ذلك هو التعاطف.
  • من خلال ذلك ندرك أن العطف عام والتعاطف خاص، فالعطف نفسي، والتعاطف نفسي ومادي، والعطف مجرد شعور والاعتراف بهذا الشعور، والتعاطف هو شعور واعتراف بالشعور مع ترجمة ذلك إلى أفعال وسلوكيات.

هل هناك سلبيات للتعاطف؟

  • العطف بحد ذاته يمكن أن يصنف بأنه شعور إنساني شريف ونبيل، إلا أننا لا يمكن اعتباره شعورًا إيجابيًا على الإطلاق.
  • أما التعاطف فهو شعور إنساني إيجابي، وذلك عندما يتحرك الشخص بطريقة إيجابية بحيث لا يكتفي الشخص بمجرد الشفقة والعطف الساكن، وإنما يترجم ذلك إلى سلوكيات تدل على المؤازرة الحقيقية.
  • غير أن التعاطف لا يخلو من بعض السلبيات، لأنه قد يدفع الإنسان إذا لم يكن حذرًا إلى الاندفاع في تصرفاته عندما يحاول أن يترجم عطفه إلى تعاطف، فربما يتخذ قرارات غير صائبة تؤذي نفسه أو تؤذي غيره، لذلك ينبغي أن يكون التعاطف بحكمة وعقلانية، وإلا أصبح تهورًا.

شارك