كيف أكون سعيدة نفسيًا
كيف أكون سعيدة نفسيًا؟ وكيف يمكن القضاء على مشاعر الحزن؟ لا يوجد امرأة في الدنيا أيًا كانت فئتها العمرية، لم تقف ذات مرة أمام نفسها وتطرح مثل هذه الأسئلة، والسبب غالبًا ما يكون أسبابًا دفينة في قرارة نفسها ومتعلقة بأسرار لا أحد يعلمها غيرها، لذا سوف نجيب عن تلك الأسئلة بشكل أكثر إنسانية وعملية من خلال موقع الماقه، لكي يتسنى لكل امرأة أن تتخطى ذلك الحاجز النفسي.
كيف أكون سعيدة نفسيا
إن الإجابة عن هذا السؤال لا يمكن تحديدها بوضوح أو ضمها ضمن إطار معين وثابت، والسبب في ذلك أنه لكل نفس سببًا في تعاستها وشعورها بغياب السعادة عن الدنيا وعن حياتها بشكل خاص، أي أنه لكل نفس آلامها وأحزانها التي تختلف عن الآخرين والتي لا يوجد مثيل أو شبيه لها على الإطلاق.
نظرًا لمدى صعوبة الإجابة عن هذا السؤال ضمن إطار محدد، فسوف نرسم بعض الخطوات التي تعد بمثابة نصائح، يمكن من خلالها لكل امرأة أيًا كان عمرها أن تتبعها، لتحقق قدرًا من السعادة النفسية لنفسها، وتلك النصائح تتلخص في العناوين الآتية:
1- حب النفس قبل حب الآخرين
إذا لم تكوني قادرة على حب نفسكِ أولًا فلن تكوني قادرة على حب أي شيء من حولكِ في هذه الدنيا، ولن تكوني قادرة حتى على تقبل أي شخص في حياتك من باب المحبة.
الحب هو باب خلقه الله لنا لنفتحه فَتُفتَحُ معهُ أبواب الدنيا إلى آفاق واسعة شديدة الجمال غاية في الاتساع، إذا أوصدتيهِ ستكونين أنتِ الجانية على نفسك وليس شخصًا آخر، فإن الإنسان كلما أحب كلما كان أهلًا للحب، وكلما كان قادرًا على أن يحب كلما كان قادرًا على فعل ومواجهة أي شيء في هذا العالم مهما كان بالغ الصعوبة.
الحب خلق لكي يكون نقطة قوة، وبميل الإنسان إلى الغباء في حق نفسه وحق حياته وحق البشرية عمومًا، فيقوم بإحالة طبيعة الحب من مصدر قوة عظمى إلى نقطة ضعف شديدة الخطورة.
مهما حدث لَكِ في الحياة ومهما واجهتِ من أخطار ومهما ارتكبتِ من أخطاء، إياكِ وأن تفقدي شعورك حب نفسك والاعتزاز بها، بكل زلّاتها وأخطائها وعثراتها التي لا تعد ولا تحصى.
2- أعرفِ نفسكِ وقدريها
إذا عرفتِ قيمة نفسك وأعطيتها ما تستحقه وقدرتيها حق التقدير، فإنكِ لن تكوني أبدًا في حاجة إلى أن تسألي كيف أكون سعيدة نفسيًا، فإذا أردنا أن نحقق لنفسنا السعادة يجب أن نكون مدركين لقيمة النفس البشرية بوجه عام، والذات الشخصية بوجه خاص.
لقد قال الخليفة وأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله: “رَحِمَ الله امرئٍ عرف قدر نفسه”
بمعنى أنه كلما كان الإنسان مقدرًا لقيمة نفسه كلما كان أكثر حفاظًا وخوفًا عليها، من أن يمسها أي ضرر أو أذى من قبل أي شخص أو أي شيء، وكلما كانت المرأة ذات قدرة على وضع الخطوط الحمراء لأي شخص يؤذيها على الصعيد النفسي، كلما كانت أكثر هدوءً وأكثر راحة نفسيًا.
3- الذكاء في التعامل مع الحزن
يمكننا القول بأن الحزن ليس مجرد شعور بالسوء تختلف درجته من شخص لآخر، بقدر ما يمكن اعتباره وحشًا قاسيًا يستمد قوته وبأسه من مدى الألم الذي يتسبب فيه للإنسان، هنا ينبغي على الإنسان أن يتذكر حقيقة أنه دونًا عن غيره من البشر الذي عرف بالعقل.
إذا أدركت المرأة تلك الحقائق سَهُلَ عليها كثيرًا أن تحارب الحزن والألم النفسي بمنتهى البراعة، والأمر كله يتطلب بعض الذكاء وهو ما عرف عن المرأة بوجه عام.
بمعنى أن تكون المرأة مدركة ومقتنعة بأن الحياة مليئة بالمشاكل ومسببات الحزن والتعاسة، والذكاء هنا يكمن في إدراك أن تلك الأمور المؤسفة مجرد فترات وسوف تزول وتتلاشى ومعها آثارها مع الوقت، فيجب الصبر عليها والحرص على تهدئة النفس، حتى تنقضي هذه الفترة بسلام.
كما ويكمن الذكاء هنا في المقاومة والقوة والوقوف في وجه الأحزان والتصدي لها بكل ما أوتيت المرأة من قوة، فمواجهة الحزن بالفرحة والعبوس بالابتسامة حتى وإن كانت واهية مزيفة، من شأنها أن تبطل الشعور بالحزن تدريجيًا، ويحقق قدرًا لا بأس به من الراحة والسعادة النفسية.
4- تذكر أن الحياة لا تقف عند حد معين
عندما تقف المرأة أمام المرآة وتسأل كيف أكون سعيدة نفسيًا وتتذكر بعدها أن الحياة لا تقف عند شيء أو شخص معين، تكون المشكلة تقريبًا قد تم حلها بنسبة كبيرة.
كم مرة وقف كل منا أمام نفسه في موقف أو ظرف قاسٍ وقال إن تلك هي النهاية المحتومة، وبمرور الوقت وتغير الظروف اكتشف أن تلك النهاية المؤسفة ما كانت إلا بداية لمرحلة جديدة من العمر.
مهما مررنا بظروف وأوقات عصيبة ظلت تؤثر فينا بالسلب على المدى البعيد، سوف تبقى مجرد مرحلة انتقالية في الحياة، ويمكن اعتبارها باب مرئي لسعادة خفية مصيرها الظهور الجليُّ أمام أعيننا، وكلما وضعت المرأة هذه الحقيقة في عين الاعتبار لديها، كلما كانت الإجابة عن سؤال كيف أكون سعيدة نفسيًا أكثر وضوحًا.
5- نحن مخيرين بقدر ما نحن مسيرين
كثيرًا ما تلقي المرأة بنفسها إلى التهلكة بيديها ثم تقول كيف أكون سعيدة نفسيًا، أي أن الإنسان وببساطة كثيرًا ما يكون هو مصدر جلب الشقاء على حياته وهو مصدر تعاسته وضياع فرحته في الحياة، وهذا ضرب من ضروب التواكل والهروب من تحمل المسؤولية.
على سبيل المثال ينفق الإنسان الكثير من الأموال في أشياء ليست ذات قيمة حتى يضيع ماله ثم يقول أنا تعيس ليس لدي أي مال، وهو من جلب الفقر والفاقة إلى حياته بصنع يديه وبفعله وتصرفه، ثم يقول هذا قضاء الله وقدره وليس لي دخلًا فيه.
إن هذا أمر خاطئ تمامًا أن يعتقد الإنسان نفسه مجرد آلة مسيرة حسب مشيئة الله ورغبة الغير، صحيح أنه لا شيء صغير أو كبير يحدث في هذه الدنيا إلى بعلم الله وإرادته إلا أنه يأخذ بالأسباب وما البشر جميعهم إلا مجرد أسباب.
يمكن أن تكون الإجابة عن سؤال كيف أكون سعيدة نفسيًا هنا بأن تتوقف المرأة عن لوم القدر، وتنظر إلى خطأها وتتعلم منه وتتصالح معه، فإن الله كما جعلها مسيرة في الدخول بأمر ما، فهو جعلها مخيرة لكي تتصرف فيها حسب إرادتها وتفكيرها لكي يطبق سياسة الحساب ما بين الثواب أو العقاب في الأخرة.
من أبر الدلائل على هذه الحقيقة هو قول الله تعالى (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌوَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) [سورة القيامة، الآيات رقم 14، 15]
كما وأكد على ذلك أيضًا في قوله (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) [سورة البلد، الآيات 8: 10]
يقصد بالنجدين هنا طريق الخير وطريق الشر لكي يختار الإنسان فيما بينهما، أي أن الله قد خلقنا أسبابًا فهذا أمر نحن مخيرين فيه، أما ما خلقنا فيه مخيرين بإرادتنا هو في أي شيء نحب أن نكون سببًا الخير أم الشر.
6- التخلص من السلبية
إن العقل الباطن لا يدرك قيمة الشعور غالبًا، ويمكن استغلال ذلك بشكل ممتاز عن طريق التبسم والضحك، فلقد أثبت علماء النفس وأطباء المخ والأعصاب أن العقل الباطن إذا وجد الإنسان يضحك ويبتسم دومًا، فإنه يترجم ذلك على أنه في حالة جيدة مما يجعله يعطي إشارات للجسم بالكامل لكي يكون في أحسن حالاته.
إن الشعور بالسلبية المطلقة هو ألد أعداء الإنسان، وخاصةً المرأة لكونها كائن عاطفي حساس من الدرجة الأولى، فالسلبية تعمل على سلب الإنسان كل ملمح من ملامح الإيجابية في كيانه قلبًا وقالبًا.
السلبية تجعل من شخصية المرأة أكثر ذبولًا وضعفًا وقدرة في الاعتياد على الخسائر وجعلها أمرًا طبيعيًا مرحبًا به، تمحي الشغف من شخصية أي إنسان وما أن ينتهي الشغف ويموت، فإن وجود الإنسان يمحى بالكامل ويصبح كالميت الحي.
هنا يجب التخلص من كل ما هو سلبي وكل ما يولد شعورًا بالسلبية تجاه الأشياء، وهذا يتم من خلال تجنب الأشخاص السلبيين والأشياء التي تحط من القوة وتهبط الإصرار وتفتر العزيمة، ويجب النظر إلى كل شيء بنظرة ملؤها التفاؤل وانتظار كل ما هو آتٍ أيًا كان بصدر رحب.
7- الاكتفاء بالذات وعدم انتظار الغير
لا أحد يستحق أن يتعشم فيه الإنسان غير الله سبحانه وتعالى فقط، فإن الإنسان قد يخذل الإنسان ويحزنه ويدخل في نفسه شعورًا بالسوء، إلا أن الله في نفس الوقت يكون أرحم وأحن عليه بكثر من أقرب المقربين إليه بالرغم من بعده عنا بمسافات فلكية سحيقة البعد.
إن من يعيش حياته معتمدًا في تحقيق السعادة النفسية لذاته على شخص ما هو محور الكون بالنسبة إليه، يعِش أبد الدهر منتظرًا أن يأتي الغد ويحمل له ما يتمناه من غيره، ولكن العمر بأكمله سوف يمر دون أن يأتي هذا الغد أبدًا.
هنا يعد سر الجواب عن سؤال كيف أكون سعيدة نفسيًا هنا هو الاكتفاء بالذات وعدم انتظار أي شيء سواءً كان قولًا أم فعلًا من شخص آخر، فيجب على المرأة أن تكتفي بالله ثم بنفسها، وتحقق السعادة لا نفسها ولا تنتظر أن يحققها لها أحدهم، لأنه قد يذهب فجأة ويترك مكانها أضعافًا مضاعفة من الحزن.
8- استفتِ قلبِكِ
كثيرًا ما يكون نور البصيرة أحد وأصح وأعمق من نور البصر بكثير، وهذا ما أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام، فلقد روى وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه وقال: “أتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: جئتَ تسألُ عن البرِّ والإثمِ؟ قال: نعم، فقال: استفتِ قلبكَ: البرُّ ما اطمأنتْ إليهِ النفسُ، واطمأنَ إليهِ القلبُ، والإثمُ ما حاكَ في النفسِ وترددَ في الصدرِ، وإن أفتاكَ الناسُ وأفتوكَ“
رواه وابصة بن معبد الأسدي، وحدثه النووي، المصدر: الأربعون النووية، حكم الحديث: صحيح حسن الإسناد.
يعني هذا الحديث الشريف بضرورة الرجوع إلى القلب وسؤاله والاستماع إلى النفس والتحدث إليها، فيجب على المرأة أن تسأل نفسها عما يسعدها وتحققه مهما كان عسيرًا.
إذا كان ما سيسعدها هو المرح والابتسام وتخطي المحن والصعاب، بالرغم من أن الوقت والظرف مليء بالحزن وفترات الضعف والتهاون، فعليه أن تستجيب له وتنفذه مهما كان صعبًا عليها يجب أن تظل في محاولة مستمرة حتى يتأتَّىَ لها ما تريده لنفسها، لكي تعرف كيف أكون سعيدة نفسيًا يجب أن تستمع لنفسها وتحدثها.
9- الالتزام الديني
كلما اقتربت المرأة من ربها كلما كانت نفسها أكثر راحة واستكانة وهدوءً، فإن الله مهما كان بعيدًا عنا في الواقع الملموس فإنه على الصعيد الروحي أقرب إلينا من حبل الوريد.
غالبًا ما تكون الإجابة عن سؤال كيف أكون سعيدة نفسيًا مختصرة وملخصة في القرب من الله، والتقرب إليه بما يحبه ويرضيه من أعمال صالحة مهما كانت بسيطة صغيرة في أعيننا فهي كبيرة عظيمة الشأن في عين الله.
سوف تتغير الحالة النفسية مئة وثمانين درجة بالنسبة إلى المرأة عندما تخرج الصدقات وتشارك في أعمال الخير، وتنتظم في صلاتها وقراءة كتباها المقدس أيًا كانت ديانتها وأيًا كان معتقدها.
10- التجاهل والتخطي
كلما وقفت المرأة عند كل كلمة أو فعل أو تصرف أو أي شيء من حولها وتعمقت فيه لكونه أزعجها قليلًا، كلما ازدادت حالتها النفسية سوءًا على سوئها، لذا يعد تجاهل الأحداث والأشياء وكذلك الأشخاص الذين يسببون الحزن لها، حلًا ممتازًا لتحسين الحالة النفسية وجعل الشخصية أكثر قوة وإرادة.
من خلال التعرف إلى الإجابة المفصلة عن سؤال كيف أكون سعيدة نفسيًا، يمكننا القول بأن لكل امرأة مفتاحًا للسعادة خاصًا بحياتها، وكل ما عليه أن تجتهد في البحث عنه للعثور عليه.