الأعداد السابقة

تخفف كريشة طائر لا جناح

طه العزعزي

لا أتمسك بشيء كما لو أنني دمعة طائرٍ 

أو المستحيل الحامض كقصيدة هايكو مُجَربة 

سأموت دون هذي البلاد التي تكبرني قروناً كاثِرة 

وبشرًا لم يخلقوا بعد 

البلاد التي أحببتها كثيرًا 

أكثر من كل رصاصات الأعداء الغلاظ الذين فروا بخوفهم وهم يلعنون وجه الحظ 

أيضًا أكثر من كل حناجر المصابين بفيروس كورونا في العالم

وأكثر من تلك البطون المنتفخة التي تحمل أولادًا أشقياء 

كان يجب أن لاتنجبهم الأمهات 

كي تتخفف الأرض من جثثهم الثقيلة ومنازلهم القادمة. 


لا أتمسك بشيء 

كما لو أنني دمعة تتشبث برملة فانطفأت سريعًا 

أو قصيدة بلا اتجاه 

أو حبيبة مخادعة ضيعتها الأقدام ذات كذبة 

كما لو أنها كافرة بعشقي وتبكي الوقت التي ضيعته معي 

تبكي قلبها التي اختارته عذابًا لي 

تبكي صوتها السيء الذي لم يستطع ترديد أغاني فيروز 

تبكي أنفها الذي لم يشتمَ رائحة عطرًا في ملابسي البالية 

وأبطي اللذيذ الذي يعج برائحة مراهقٍ لايخجل من دمه 

ويسمي الشعر درجة سامية من الكذب 

تبكي خطواتها التي مشت نحوي 

وتبكي دموعها فقط التي لم تسقط من أجلي 

تبكي لاشيء عبقريًا 

ولاشيء مُصطنعًا 

تبكي لاشيء منها يمكن شرحه أو فهمه.


لا أتمسك بشيء جيدًا 

كل ماوقع بين يدي وقع بين أيدٍ أخرى أكثر من عمري الذي سأعيشه 

الكثير الذي لدي لا أستطيع بلعه 

أو الإحتفاظ به وسط بطني المستهدفة 

أو حتى وضعه في خزينة ما 

كل مالم يقع في يدي كنت أتمنى الضحك أمامه

والإبتسام له بخجل شاعرٍ كاذبٍ. 


لا أتمسك بشيء 

سأضع رأسي الذي لايتزن إلى جهة الإنغلاق 

سأرفع عاليًا هذا الدم الأحمر صلاة نقية كما يفعل الشهداء 

وسأكرع كل أغنيات الحرب 

وصوت جدتي المتشائم 

وذكاء الفيروسات في التقاط الأشخاص الجيدين للموت 

في مهب الضياع. 


لاشيء سأمسك به 

فقط سأتخفف كريشة طائر لا جناح. 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني