الأعداد السابقة

الحرف الأخير - هل كانت البشرية بحاجة إلى فيروس كورونا؟

محمد الغربي عمران

المتأمِّل لأوضاع مجتمعنا الإنساني.. وما به من أمراض العداء والفرقة التي استشرت وأضحت حياة نعيشها دون أن نعمل في طريق أخرى.. طريق المحبة والسلام والحرية. حروب مدمرة قعد بعد آخر.. صراع اقتصادي وديني لا ينتهي. فماذا جنت البشرية من خل ذلك غير التهديد بالفناء. فهذه اميركا ودول التقدم الصناعي تكدس آلاف المعدات العسكرية المدمرة.. فهل تلك المعدات أنقذتها من مجرد فيـروس.. وهاهي دول ذات مخزون اقتصادي للثروة هائل.. فهل ردعت تلك الأموال هذا الفيروس.

 

كل هذا يجعل المتأمل يعيش في خوف على مستقبل البشرية.. مستقبل تحفه ثقافة الكراهية.. والإلغاء.. والإقصاء.. وكل يظن بأنه مالك للحقيقة.. وأن أمته أفضل أمة..  وكل يظن بأنه شعب رضـي عليه الله واصطفاه..  فذاك مختار.. وتلك أمة وسطى.. وآخر أمة... الكل يؤمن بأنه هو وبقية الشعوب لا تستحق الحياة.

فهل كانت البشرية بحاجة إلى كورونا لتفيق من غيبتها الفكرية.. ويعود الفكر الإنساني  الحر.. الداعي للسلام والتآخي.. الداعي للحرية وتعظيم قيم الإنسانية. وتجاوز فكر التخريف وتغييب العقل.. وتجاوز كل دعوات القومية والعنصرية والنقاء العرقي.

 

 كورونا وما صنع ويصنع من بشاعة في حق البشرية يدعو إلى الاستيقاظ.. ويؤكد بأنا جميع علينا أن نقف موقف واحد.. إزاء بطشه.. لنحمي مستقبلنا.. وفكرة وجودنا.. أن يوجهوا الجيوش للبناء والصحة والسلام.. كما هي هذه الأيام هبطت إلى شوارع المدن لتطهيرها وحماية المجتمعات من تفشي الوباء.. أن يوفروا المليارات المكدسة  في سبيل انقاذ البشرية..  وأن يوقف الجميع معاركهم وقتالهم.. فكورونا إن لم يعقلوا كفيل بهم جميعاً.

 

 اليوم البشرية جميعها تتابع المنقذ من هذا الوباء إلا وهو العلم.. الكل متعلق بخبر يعلن عن اختراع  قد ينهي هذا الفيروس.. ولا يفكرون بأن يأتي الفرج من المعممين .. أو لابسي مسوح الكهنوت.. وقلنسوات الأحبار.. بل من المخابر.. من بين يدي العلم ولا غيره.. وقد تركت البشرية خلفها كل دعوات التظليل.. فهل وعت الدرس.. أن من ينشر ثقافة الكراهية هو عدو المستقبل.. من يدعي تملكه للحقيقة المطلقة هو عدو الإنسانية.

 

أن تلك النخب السياسية والاقتصادية لا تحارب من أجل سلام ولا حرية بل من أجل حماية مصالحها وتكريس سلطاتها بمزيد من الحروب والدمار وتكديس الأموال. اليوم الأدب والفكر والفن ينتصر.. من يدعو منذ بواكير البشرية الأولى للفكر والحرية.. من يدعو للسلام والقيم الإنسانية العظيمة.. 

 

فشكرا كورونا.. شكرا لأنك جعلت سكان العالم يفكرون بصوت عالٍ..  شكرا لأنك علمت الجميع أن فوهات المدافع لم تجد نفعا.. وأن دجل الكهنوت لم ينقذ مريض.. وأثبتّ أن الحوار والتعاون هو الطريق الصحيح لبقاء البشرية.. وبدون ذلك سيكون كوكب دون إنسان.. وأن لا طريق لحياة أمنة هي طريق السلام والتكامل والتعاون والحب والحرية. 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني