الأعداد السابقة

كلاب المدينة

مزنة الأحمدي

في رحم الليل الهدوء يسكن المدينة, الشوارع خالية من البشر, الكلاب تحتل المدينة تتسكع في العتمة تبحث عن شيء تخلفها الأيادي الآدمية لتأكله. 

 تتوقف سيارة فارهة بجانب أحد براميل القمامة ، تفر الكلاب خائفة ، ينزل رجال يحملون زجاجات خمر ويترنحون ، يقترب أحدهم من باب السيارة الخلفي يفتحه ، يتقدمون باقي الرجال ، ينزلون فتاة عارية ، يلقون بها بجانب أحد الأعمدة الكهربائية ، يصعدون السيارة ، ينطلقون مخلفين ضحكات عالية يلتهمها سكون المدينة. 

 الفتاة في الرصيف تحت العمود الكهربائي الخافت ، تصرخ بصمت صراخها ممزوج بأنين كأنها في حالة مخاض ، يبتلع صراخها وجوم المدينة .. جسدها ينضح بالعرق , المدينة باردة والفتاة كأنها كتلة من رماد يشتعل, المدينة تشبهها بجسدها العاري. 

 سيأتي النهار يكشف جسدها للمدينة لم يتركوا لها أي شيء جردوها ثيابها وبكارتها ورحلوا. 

 تلملم جسدها الملقى بالشارع ، تجلس القرفصاء تتمنى أن تعود تلك الكلاب الجائعة تلتهم جسدها المتبقي منها . 

ترى قطيع من الكلاب في طرف الشارع تتقدم نحوها ، يتملكها ارتياح عظيم بالخلاص سوف لن يراها الناس في الصباح بعد أن تأكلها الكلاب .. هي ليست خائفة بل حزينة لأنهم سيحكمون عليها حتى بعد موتها سيقولون أنها تستحق ذلك . 

تغمض عينيها كي لا ترى الكلاب تنهش جسدها ،، تشعر بأنفاسهم تقترب أكثر فأكثر تلامس أنوفهم جسدها العاري .. مخالبها تتحسس جسدها بلطف حزنت أكثر (حتى الحيوانات تحب العبث أيضاً). 

 تضيق ذرعاً تريد الخلاص مما هي فيه سألت نفسها : لماذا الكلاب لا تشرع في تمزيق هذا الجسد الميت؟

تفتح عينيها تجد الكلاب تمسك بأطراف معطف قديم رث بأسنانها ،، تنظر إليها بذهول وهي تضع المعطف فوق جسدها وتولي هاربة.

 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني