الأعداد السابقة

سجائرها

د. نادية الكوكباني

 شعرت بنشوةٍ وهو يسترقُ النظر لقدميها المضرجة أظافرهما بالحمرة.


ارتعاشة يده، ورائحة أنفاسه وهو يشعل لها السيجارة امتزجتا برجفة شفتيها وهي تمصُّ رحيقها.

هذا ما جعل البارحة يوماً مميزاً لديهما.

اليوم أصبحت في الشارع ذاته!

لا يهم. ستقضي وقتاً ممتعاً حتى لو كانت لوحدها.

يكفيها استرجاع حوارهما، ونظراتهما، ولهفتهما، ليقرب البعيد، وتتحقق آمالهما باللقاء. يكفيها وعده الصادق بأنها المرأة التي سينهي بها مغامراته.

أووووووووف...

لم تجد مكاناً مناسباً توقف فيه سيارتها.

دارت حول المكان مرات ومرات!

البارحة كانت معه في سيارته. لم تشعر بتلك المعاناة في إيجاد موقف.

هكذا هي معه. يتوقف الزمن ليبقى هو كل شيء.

أخيراً، ستركن سيارتها، ستضعها مكان ذلك الذي يتهيأ للانطلاق.

غريبٌ! كم تشبه هذه السيارة -التي إلى جوارها- سيارته.

إنها لا تشبهها! إنها هي! هذه الخرزة الزرقاء التي أهديتها له حال شرائه لها، وهذه المسبحة الرمادية التي علّقتها على المرآة. يبدو أنه يمر بذات الحالة من الشوق واللوعة.

ستشعر بذلك لو كان بالفعل قد سبقها دون موعد. لو كان يقضي لحظاته وحيداً هائماً في استرجاع وَلَهِ لحظاتهما.

أتمنى لو أنَّه أحضر معه علبة سجائري التي نسيتها البارحة.

سأفاجِئَهُ –إن كان هناك-، وإن كان في جولته الرياضية حول المدينة سأقضي وقتي مع طيفه الذي لا يفارقني.

يا إلهي! كان هناك.

هجم عليَّ بوابلٍ من اتهامات تلصّصي على حريته الشخصية بحضوري المفاجئ.

أطبق عليَّ ذهول؛ ألجمني..

غادرت..

تركتُهُ معها،

ينفثان معاً دخانَ سجائري..

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني