الأعداد السابقة

حوار مع الأديب والناقد زيد الفقيه

عمران الحمادي

 من قيادات نادي القصة منذ تأسيسه ومن الشخصيات المؤثرة في المشهد الثقافي اليمني منذ عقود من الزمن، له اشتغالات نقدية متميزة وهو كاتب قصة وصحفي ويشغل حالياً منصب وكيل الهيئة العامة للكتاب.. يحاوره في هذا العدد الكاتب الشاب عمران الحمادي حول عدد من هموم الكتابة وقضاياها


 


 عملت في الصحافة لفترة طويلة،  هل استفدت منها في تطوير نتاجك الإبداعي؟


 بالتاكيد استفدت من عملي في الصحافة فهي المنخل الذي بواسطته ينقي الأديب شوائب معرفته، ويمحص ذائقته ويصقل قلمه.


 


 كثير من الأدباء والمثقفين يعرفونك ناقداً أدبياً ..ماذا قدمت للساحة النقدية اليمنية ؟  وإلى أين يتجه النقد في اليمن ؟ 


النقد الأدبي المعاصر امتداد بصري بدأ عند النابغة الذبياني وأم جندب الطائية في حكمها بين  زوجها امرؤ القيس وعلقمة واستمر حتى يومنا هذا .. ولكن الفوارق بين النقاد تكمن في تخير زاوية الرؤية النقدية والتذوق  الجمالي للنص وهذا يعتمد على التراكمية المعرفية والذوق الفني  المرتكز حديثاً على المناهج النقدية المتعددة . 


أنا حتى الآن لم أقدم مايستحق الذكر للنقد في اليمن، وما أزال تلميذاً في مدرسة النقد في اليمن ، ولكني قد نشرتُ العديد من الدراسات النقدية التي أعتز بها في الدوريات والصحف اليمنية والعربية، ومن هذه الدراسات على سبيل التمثيل لا الحصر «وطن القصيدة عند الشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح  : نشرت في مجلة نزوى العمانية العدد(97). –ودراسة أخرى عن روايتي الغرم وجولة كنتاكي للروائي عبدالله عباس الارياني نشرت في الملحق الثقافي التابع لصحيفة الثورة ودراسة عن البؤرة الانفجارية في أعمال  الغربي عمرا ن الروائية والتي نشرت في مجلة نزوى العدد(101)ولدي العديد  من الدراسات لم تنشر بعد .


أما النقد  في اليمن فهو يسير في الاتجاه الصحيح  الذي يحاول التأسيس لمدرسة نقدية يمنية معاصرة ومن أهم النقاد في اليمن الذين يؤسسون لهذا المدرسة  الدكتورة آمنة يوسف والدكتور عبدالواسع الحميري وغيرهم. ولكني هنا ألفت عناية بعض زملائنا في قاعات الدرس الأكاديمي بالجامعات اليمنية إلى الخروج من جدران قاعات الدرس والاختلاط بصانعي النص الإبداعي حتى يكونوا أكثر قرباً منه!


 


كيف ترى حركة النقد في اليمن؟


 أرى حركة النقد في اليمن متأخرة عن النص الإبداعي اليمني وذلك لأن النص بشقيه الشعري والسردي متقدم عن النص النقدي.. الذي يجب أن يكون موازياً ومتقدماً عن النص الإبداعي. 


 


مجموعتك القصصية (لست أنا) .مالذي أضفته للقصة اليمنية عبر هذه المجموعة؟ 


أغلب قصص مجموعة «لست أنا» اتخذت  أسلوب التجريب والخروج عن نمط  القصة السائد، ومنها على سبيل المثال «رأس خارج القانون» و»هروب زعيم ميت» . أعتز بهذه المجموعة كثيراً عن سائر أعمالي لأنها  درست ضمن رسالة ماجستير  لإحدى الطالبات  والتي ناقشت القصص اليمنية المختلفة بأساليبها عن النمط المألوف للقصة وهذا في إعتقادي ما أضافته هذه المجموعة للقصة اليمنية وهو «الأسلوب المختلف»


تعمل في الهيئة العامة للكتاب -كيف تنظر إلى عملية الحصول على رقم إيداع  من دون لجنة تقييم للعمل أياً كان؟أليس من المفترض أن تكون هناك لجنة لقراءة الأعمال -قبل الإيداع؟


رقم الإيداع يعطى لحفظ الملكية الفكرية للمؤلف..بالإضافة إلى حصر المنتوج اليمني الفكري خلال العام،...وليس من حقنا الإطلاع على أي مُؤلف أو مراقبته أو التصريح له بالطباعة وذلك وفقاً لقانون الصحافة والمطبوعات رقم (٢٥)للعام ١٩٩٠ المادة (97-96)..


أما العمل الذي تشكل له لجنة للتقييم والتدقيق فهي الكتب التي نطبعها في الهيئة وتحمل شعارها،وتوجد لدينا إدارة الترجمة والتأليف. تشرف على إستقبال المؤلفات ومن ثم تعرض هذه المؤلفات على اللجنة المختصة لقراءتها ورفع تقرير عن كل كتاب على حده،...وبعدها تقرر اللجنة بالإجماع على طباعة الكتاب الذي تراه محتوياً على نصاً إبداعياً جديداً...أما ما تنشره المطابع أو أي جهة أخرى فليس من حقنا طبقاً للقانون الاطلاع عليه. 


 


-كان لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين  دور كبير في إرساء الوحدة اليمنية والكثير من القضايا..أين هو اليوم من دعوات تقسيم البلد؟


 إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين متعاون دوماً ولكن الإشكالية تكمن في أمانته العامة  وفي إعتقادي أي شيء تتدخل فيه السياسة تخربه وأتمنى أن تخرج الأمانة الحالية من إبط السياسة ونأسف كثيراً بإنتخابنا لهذه الأمانة التي فشلت في تسليم أراضي الإتحاد لأعضائه منذ مايقارب أكثر من عشر سنوات رغم الفرص التي أتيحت لها. 


*


-باعتبارك عضواً في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كيف هو وضع الإتحاد في زمن الحرب؟. 


وضع  الإتحاد لا يسر أحداً...مثله مثل بقية المؤسسات والمنظمات الأخرى.   إتحاد كان بالأمس صار ذكرى؟  أين هو اليوم؟ الاتحاد موجود بأعضائه...ولكنه في حالة بيات شتوي في ظل الحرب.


 


 باعتبارك أحد مؤسسي نادي القصة كيف تجد نشاط النادي خلال السنوات الأخيرة.؟ 


نادي القصة أصبح علامة بارزة.. فارقة ومؤثرة في المشهد الثقافي اليمني،إذ لم يتوقف نشاطات النادي منذ تأسيسه وإن كان توقف لبعض الوقت أثناء إشكالية الروائي «وجدي الأهدل» إلا أنه ظل قائماً باعتماده المالي والذي كان مبلغ 170000ألف ريال يمني يودع عبر حسابه البنكي..وفي السنوات الأخيرة شكل علامة فارقة فمع الحرب أغلقت معظم المؤسسات الثقافية أبوابها وبقى نادي القصة واقفاً وشامخاً رغم شحة الإمكانيات.. فقد إتخذ سياسة الإدارة الجماعية كأسلوب إداري جديد فكل شهر يقوم ثلاثة من أعضاء النادي بإدارة الفعاليات والأنشطة التي ينظمها نادي القصة.


 


 اليمن بلد حافل بالصراعات وفي الفترة الأخيرة تشهد البلاد حالة مأساوية في كل شيء.. كيف تكتب في ظل هذه الأوضاع؟ 


 أكتب في وسط مشهد مثقل  بالمآسي والآلام التي تدمع لها القلوب فالأوضاع التي تمر بها البلد تجعل الفرد في حالة ذهول لا يستطيع أن يرصد كل شيء و لكني في مجموعتي القصصية الأخيرة (مفاتيح) رصدت بعض الحالات وعبرت عنها في قصص قصيرة جداً، لكنها لم تشف غليلي وما يعتمل في داخلي حيال هذه المأساة ولعل الأيام القادمة أو الأشهر لقادمة إن شاء الله تشهد انفراجة للمأساة ونصبح خارج المشهد ....وبالتالي نستطيع الكتابة عن المشهد  بشكل أفضل.


 


 ما الذي يدفعك للكتابة في زمن الحرب؟ 


الذي يدفعني لمواصلة الكتابة في ظل الحرب هي الكتابة نفسها لأنها هم يومي لا أستطيع بدونها أن أكون طبيعيا لأنها تطهر النفس من سوء ما نعيشه. 


 


السنوات الأخيرة تشكل مسرحا للكتابة.. هل فكرت بالكتابة عنها؟


 الكتابة بالنسبة للكاتب تعد قوتاً يومياً.. والسنوات الأخيرة جعلت  الكُتاب  يعيشون في حالة  من صدمة لم يتعافوا منها.. لكنها خلقت في أذهان الكثير أفكارا كثيرة  تصلح للكتابة فيما بعد. 


 


كيف تقرأ المشهد  الثقافي اليمني الحاضر؟ 


اقرأ المشهد الثقافي اليمني الذي نعيشه اليوم كما أقرأ خارطة البلاد في الزمن الراهن!


 


التجارب الأدبية الشابة تحاول التشبث في زمن الحرب.. كيف تنظر إليها وكيف تجدها؟ 


 التجارب الأدبية الشابة تتشبث بوجودها كما تتشبث خلية النحل في أعالي الجبال مصرة على البقاء وقد أصدر مجموعة من الأدباء الشباب مجموعات شعرية وقصصية في  غاية  الروعة ومنهم من أصدر لأول مرة مثل الشاعرة نوال القليسي، هناء محمد راشد و سكينة شجاع الدين،وغيرهم. 


 


اليمن بلد محافظ على عدم تجاوز الخطوط الحمراء.. كيف تنظر إلى من يكتب في هذه القضايا؟


 أنت تقصد بالخطوط الحمراء التابو: الدين، الجنس، السياسة، أعتقد أن  من يكتب في هذه الأشياء لغرض العرض ليس مصيباً وهناك أمثلة لا أريد ذكرها هنا ولكني أنظر بإيجابية لمن يوظف الكتابة عن التابو لغرض توصيل فكرة معينة... كتوظيف وجدي الاهدل للفتاة العارية في باب اليمن والذي لفها الأمريكي بالعلم، ووضعها في خانة سيارته.


 


الهيئة العامة للكتاب قبل أسابيع أقامت معرضاً  للكتاب وصاحبته فعاليتين الأولى شعرية والثانية قصصية.. ما الذي أردتم إيصاله للمجتمع من خلال هذا المعرض؟ 


أردنا في قيادة الهيئة إيصال عدة رسائل منها: تحريك الركود المعرفي للقارئ وإيصال رسالة للعالم أننا ما نزال موجودين وأن قلوبنا ما زالت تنبض بالحياة ،بالإضافة إلى لفت نظر الحكومة إلى أننا ننظم هذه الفعاليات في ظل عدم وجود أي موازنة وأن على الحكومة أن تولي الثقافة بشكل عام جزء من اهتمامها لأن الثقافة هي التي تصنع مواطناً صالحاً ووطنياً.


 


 دار الكتب تحتوي على كتب ومجلات  قديمة ونادرة والتي يرجع بعضها إلى عام 1872..... هذه الكتب والنفائس الموجودة في حالة يرثى لها ماذا عملتم من أجل الحفاظ عليها؟ 


نحن نعمل جاهدين حسب ما هو متاح لدينا فقمنا بإدخال البعض منها الكترونياً عن طريق التصوير الرقمي أو الإسكينر، وحفظها ....كذلك قمنا بإعادة ترميم وتجليد هذه النفائس فلم تعد في متناول الجميع وحرصنا على حفظها بدواليب خاصة ولا نخرجها إلا للباحثين المكلفين من جامعاتهم أو مراكز البحث العلمي. 


 


في ظل أوضاع إقتصادية متردية انعدمت فيها رواتب الموظفين كيف تعملون على فتح أبواب دار الكتاب للزائر...أمام صراع من أجل البقاء؟


في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وقطع المرتبات عملنا على جدولة دوام الموظفين في الهيئة ودار الكتب حيث قسمنا الموظفين إلى مجموعات حسب الاختصاص حيث تداوم كل مجموعة يوماً في  الأسبوع وثمة موظفين في دار الكتب تتطلب طبيعة أعمالهم الحضور يومياً حاولنا ان نوفر لهم بدل مواصلات مما هو متاح مثل فرصة حصولنا على  ألف ريال مقابل تسجيل رقم الإيداع القانوني وهذا الألف يأخذ منه  حق تصوير وطباعة استمارات الإيداع وكذلك طباعة سجل الإيداع نفسه وشراء حبر للطابعات.


 


 برأيكم ما هي مساحة القراء والزائرين لديكم؟ 


بالمقارنة إلى ما قبل الحرب فالقراء والزائرين قليل لكن بالنظر إلى حالة الحرب وتردي الأوضاع أجد الباحثين والقراء كثر ولعل مرد هذا إلى أن الفراغ الذي فرض على الناس من انعدام العمل وقطع المرتبات وشح الأعمال جعلهم ينصرفون إلى القراءة والاطلاع فتجد بين القراء الطبيب والمهندس والطيار الحربي والضابط و....الخ. وهذا يضاعف مسؤوليتنا نحو هؤلاء. 


 


قبل الحرب كانت الهيئة تتولى طباعة بعض إنتاج الأدباء والكتاب لماذا توقفت عن ذلك وما هي الأسباب؟


 توقفت الهيئة عن الطباعة منذ 2015م نتيجة العدوان على بلادنا بسبب عدم توفر الاعتمادات المخصصة للطباعة وليس ذلك فحسب، بل توقفت مرتبات الموظفين فما بالك بالطباعة وهذه نتيجة طبيعية لهذا الدمار والخراب ونحن مستعدون لاستئناف الطباعة في حال عادت مرتبات الموظفين والاعتمادات المخصصة لذلك وتحسنت أوضاع البلد وإنتهت الحرب.


حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني