الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

فاتن احمد

منذ 7 أيام

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لقد أوجب الدين الإسلامي على كل المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن كيف تكون طريقته وأسلوبه هو ما سوف نقوم بتوضيحه في هذا المقال عبر موقع الماقه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكثر الأمور التي أوجبها الدين الإسلامي، ويعتبر ذلك بنصوص واضحة مذكورة في الكتاب والسنة وقد أجمع الأئمة على ذلك.
ويعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من النصائح التي نصح بها الدين الإسلامي، أما فيما يخص توضيح الفرق بين المعروف والمنكر في اللغة، فمعنى المعروف في اللغة هو كل الأفعال الحسنة.
وكذلك كل ما تتعرف عليه النفس من الخير وتطمئن من ناحيته، أو بمعنى أخر فهو الاسم الذي يوضح كل الأفعال التي ترتبط بالعقل والشرع والتي تعتبر من الأمور الحسنة.
أما عن معنى المنكر في اللغة فهو كل الأفعال القبيحة التي قد حرمها الشرع أو كرهها، وفي معنى أخر هو ما ينكر بهما أي أنه كل فعل تحكم عليه العقول بأنه فعل خاطئ ومحرم وتحكم الشريعة بحرمته.
أما فيما يخص مجمع البيان فإن معنى المعروف هو الطاعة، ومعنى المنكر فهو المعصية، أما في تعريف الحسبة الخاص بالإمام الماوردي في الكتاب الذي أصدره باسم الأحكام السلطانية.
أنه يعتبر أمر بالفعل المعروف والطيب إذا كان ظاهر تركه، وإنه يعتبر نهي عن كل فعل منكر وإذا كان ظاهر فعله، وسوف نوضح كل جوانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفقرات القادمة.

الهدف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لا يمكننا أن نحصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجال محدد من المجالات، فهو يتميز بالشمولية والعمومية لكل ما أمر به الدين الإسلامي من قيم ومفاهيم دينية وحياتية.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبر من المفاهيم التي شملت كل التصورات والمبادئ التي قامت عليها أسس العقيدة الإسلامية، كما أنه يشمل كل الموازين والقيم التي تحكم العلاقات الإنسانية بشكل إسلامي.
كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل كل الشرائع والقوانين وحتى العادات والتقاليد التي أمر بها الدين الإسلامي، ويمكننا القول بأن هذا الأمر يوضح أن الدين الإسلامي عقيدة ومنهج وسلوك.
فهذا الأمر الديني يعمل على تحويل المشاعر الباطنية بالعقيدة الإسلامية إلى حركات سلوكية واقعية، كما أنه يسعى لتحويل هذه الحركة إلى عادة من العادات الثابتة والتي تتفاعل وتتصل بأمور وإرشادات الدين الإسلامي.

دليل من القرآن عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لقد أعتمد كل الفقهاء لإثبات وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل المسلمين على الآيات القرآنية، ومن دون أن يقوموا بتوضيح تفاصيل استدلاهم ولقد اتفقوا جميعًا على قول واحد.
فقد قالوا إن الأمر بالعروف والنهي عن المنكر من الأمور الواجبة، والتي تعد من الضرورات الدينية على المسلمين جميعًا، يقومون بالاستدلال بها ولا يصح الاستدلال عليها.
ولقد استندوا في ذلك إلى قول الله تعالى (وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ)، وقد أوضحوا أن هذه الجملة وجهها الله إلى كل المؤمنين.
حيث أن المؤمنين جميعًا بهذا الأمر الإلهي قد كلفهم الله بأن يقوم باختيار مجموعة منهم تقون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون لديهم قوة وإدارة جيدة للعمل المكلفين به والذي فوضهم الناس له.
ولقد أكد علماء المسلمين على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث أنهم قاموا بتفسير قوله تعالى ولتكن، أنه أمر إلاهي من الله عز وجل وأن القاعدة الفقهية تقول إن كل أمر ظاهر يجب علينا إيجابه.
كما أن العديد من علماء الدين يستندون إلى قول الله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، والتي يقولون فيها أنه حتى نكون خير أمة لابد وأن نقوم بتنفيذ هذا الأمر.
وكذلك قوله تعالى (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ).
وقالوا إن هذه الآية القرآنية تدعو لتحقيق أمر الله عز وجل، وأن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تتحقق فينا طاعة الله ورسوله.

دليل من السنة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم شمولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك عندما قام بتولية معاذ بن جبل على أحد بلاد المسلمين فقال له الرسول الكريم.
(يا معاذ علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، وانزل الناس منازلهم، خيّرهم وشرهم، وأنفذ فيهم أمر الله وأمت أمر الجاهلية إلاّ ما سنّه الإسلام، وأظهر أمر الإسلام كلّه، صغيره وكبيره).
وأكمل الرسول صلى الله عليه وسلم قوله (وليكن أكثر همّكالصلاة فإنّها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين، وذكّر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة).
كما أنه يوجد حديث شريف آخر حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ).

توضيح الإمام الحسين لموارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لقد قام الإمام الحسين بشرح كل موار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك حين قال (لقد بدأ الله بالأمر بمعروف والنهي عن المنكر كفريضة منه، ذلك لعلمه بأنه لو تم تأديتها لاستقامة كل الفرائض الصعب منها قبل السهل).
وأكمل قوله (وذلك لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبر دعوة إلى الإسلام، وذلك لأنه يرد المظالم ويخالفها وقسمة للفيء والغنائم، وكذلك صرف الصدقات ووضعها في مكانها الصحيح).

الغاية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إن المقصود بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المسلمين، أنه أمر بنشر كل مقومات الشخصيات الإسلامية، سواء كان فيما يخص الفكر أو العاطفة أو السلوك فيجب أن تكون تابعة للشريعة الإسلامية.
وذلك حتى تكون متجانسة ومنسجمة مع المنهج الإلهي الذي نزل لتسير عليه الحياة، ولابد أن كون كل المقومات التي يقوم عليها الأمر متطابقة مع بعضها البعض.
فإنه لا يجب أن يحدث أي ازدواجيه بين الأفكار والعواطف ولا حتى بينهم وبين السلوك الإنساني، بل ويجب أن تكون وحدة واحدة متكاملة يكون فيها الولاء والممارسة العملية لله عز وجل وحده.

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ويعتبر في الدين الإسلامي عند كل العلماء والمفكرين الإسلاميين لا يعتبر تفكير وتدبر ولا حتى خشوع العقول والقلوب فقط، ولكنه يعتبر منهج من مناهج الحياة الواقعية.
والتي تدعي إلى نهوض كل الهمم والعزائم والقيام بتقوية الإرادة، وذلك حتى تنطلق في واقع الحياة وتكون مجسدة لكل المفاهيم والقيم الإلهية بالشكل العملي الصحيح.
مما يساعد في الدعوة إلى نهوض كل التكاليف الإلهية سواء كان في عالم الضمير أو حتى في عالم الواقع، وكذلك يدعو للاستقامة بشكل كبير على ضوء هذه التكاليف.

خلافات المذاهب حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بالرغم من الاتفاق الكبير بين كل الفقهاء إلا أنه يوجد أيضًا خلاف بين مذاهب أهل السنة، ولقد انقسم الفقهاء في هذا الأمر إلى ثلاثة فرق سوف نقوم بتوضيحهم في هذه الفقرة.
يقول الفريق الأول أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض العين، وقد استدلوا على هذا بقول تعالى (وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ).
حيث أوضحوا أن كلمة (من) في هذه الآية تعتبر بيانية، ولذلك فهذا دليل على أن هذه الآية عامة على كل أمة المسلمين، كما استدلوا على ذلك بهذا الحديث الشريف الذين قالوا إنه دليل على أنه فرض عين.
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ).
ويقول الفريق الثاني أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبر من فروض الكفاية، ويقولون في ذلك أن هذا الفرض إذا قام به بعض المسلمين يكون قد سقط عن الباقية.
ولقد استلوا على رأيهم هذا بنفس الآية أيضًا، حيث أن تفسيرهم لهذه الآية أنها تعتبر تبعيضيه أي أنها تشمل بعض المسلمين فقط، وأنها لا تشمل كل المسلمين بشكل صريح.
ويقول الفريق الثالث أنه يجمع بين الرأيين السابقين فهو يعتقد بأنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين، في حالة أنه أتفق الجميع أن الإنكار بالقلب يعتبر من صور الإنكار.
ويستدلون في قولهم هذا بالآية القرآنية التي أستدل بها الفريقين وبالحديث الشريف أيضًا، ويقول إنه يجوز العمل بالرأي الثاني وذلك لأن جميع الأشخاص غير مؤهلين للأمر بالمعروف ولا حتى النهي عن المنكر.
كما أن هذا الفريق قال إنه من الصعب أن نقوم بجعل كل المسلمين متفرغين بشكل كامل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث أنه إذا حدث ذلك سوف تتوقف الحياة بشكل كبير.

عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لقد قام العديد من علماء الدين بتوضيح العواقب التي تترتب على ترك المسلمين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي سوف نقوم بتوضيحها في هذه الفقرة.
من هذه العواقب أنه قد يحدث ابتلاء من الله عز وجل عن طريق عدم قبوله لدعوات المسلمين، وكذلك فمن الممكن أن يحل الله عز وجل عذابه على المجتمعات المسلمة.
ومن عواقبها أيضًا نفي صفة الخير من هذه الأمم، وزيادة نسبة الفساد والأخلاق السيئة في المجتمعات المسلمة، ويصبح الفاسقين هم المتسلطين، والفجار هم أعلى الناس، وانتهاء العلم، وانتشار الجهل.
ويستدلون على ذلك بحديث الرسول الكريم صلى الله عليهم وسلم (ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدِرون أن يُغَيِّروا ثم لا يُغَيِّروا؛ ألّا يوشكُ أن يعمَّهم اللهُ منه بعقابٍ).