رواية الحب في زمن الكوليرا

منذ 3 ساعات
رواية الحب في زمن الكوليرا

الحب في زمن الكوليرا هي رواية ضمن الروايات العظيمة التي كتبها المؤلف الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز أحد أعظم كتاب العصر الحديث على الإطلاق، وأحد رواد مدرسة الواقعية العجائبية في الكتابة، فقد كانت لغته في الكتابة الروائية تتسم بالمزج بين الحقيقة والخيال في أبهى صورة، حتى يعيش القارئ داخل أحداث الرواية بعقله وجوارحه ولا تمر عليه مرور الكرام.

في هذا المقال سنتناول بشيء من التفصيل رواية الحب في زمن الكوليرا وسنحاول تلخيصها قدر المستطاع وعرض أحداثها وأهم الاقتباسات التي ذكرت في هذه الرواية.

الحب في زمن الكوليرا

تتلخص أحداث الرواية في رجل وامرأة تشاركا معًا قصة حب بدأت معهما منذ سن المراهقة، وظلت هذه المشاعر تكبر بينهما حتى وصل الحب بينهما إلى طريق مسدود بعد ثلاث سنوات من المواعدات والخطابات الحب الرقيقة وما إلى ذلك.

ينتهي الأمر بـ “فلورينتينو أرثيا” بترك معشوقته له وزواجها من طبيب لامعٍ مشهور يدعى “جيفينال ايربينو” وهو طبيب مشهور وصاحب اسم كبير في مجال الطب، وهو أيضًا من فضلته “فيرمينا دازا” على “فلورينتينو أرثيا”.

لكنّ “فيرمينا دازا” أيضًا كان لديها أسبابها التي جعلتها تترك “فلورينتينو” وتتزوج بغيره، فقد كان عامل تلغراف بسيطًا لا يملك سوى قوت يومه ولم يكن يستطيع أن يفي بعهده معها إن استمر الحال على ذلك، فاختارت “فيرمينا” أن تتزوج بـ ” جيفينال” لذلك السبب.

أما عن “فلورينتينو” فكان متفهمًا لأسبابها، فبدأ رحلة كفاحه وعمله الشاق ليجعل لنفسه اسمًا لامعًا ومالًا كثيرًا مثل ذلك الطبيب الذي تزوجت منه “فيرمينا”.

ظل “فلورينتينو” طيلة خمسن عامًا على تلك الحالة يجاهد نفسه حتى يتمكن من الوصول للزواج من “فيرمينا دازا” حتى جاء اليوم المنتظر وهو يوم وفاة “جيفينال” زوج “فيرمينا”.

ما إن سمع “فلورينتينو” بالخبر حتى هرع بالذهاب إليها للتقدم لخطبتها في نفس يوم وفاة زوجها، وكان رد الفعل المتوقع من “فيرمينا” أن ترميه بوابل من السبّ واللعنات وتطرده خارجًا، في الحقيقة لقد فعلت ذلك تمامًا.

هل تمكن اليأس من قلب “فلورينتينو” بعد ذلك الحادث؟

لم ييأس “فلورينتينو” عند حدوث ذلك، ففكر في طرق مجدية تجعله يتقرب من امرأة صارت في السبعين من العمر.

ففكر في استعادة ذكرياته معها وإحيائها بإرسال خطابات عاطفية لها كما كان يفعل معها قبل خمسين عامًا، ولكنه أعاد التفكير مرة أخرى في هذا الأمر فوجده غير مُجدي لمسنة في السبعين من عمرها.

فبدأ بإرسال عبارات واقتباسات عن كبر السن والحياة الآخرة ونهاية العمر وكل ما يناسب عمرها من أقوال وحكم.

نجحت هذه الخطة في لفت انتباه “فيرمينا” ورضيت بأن يكون “فلورينتينو” صديقها المقرب بعد أعوام من الجفاء وعدم اللقاء، ولكن “فلورينتينو” كان لديه رأي آخر في هذا الموضوع، فهو لم يزل يرى في “فيرمينا” معشوقته التي أحبها قبل خمسين عامًا وعاهدها أن يقضيا حياتهما كلها معًا.

لكن الرياح تأتي دائمًا بما لا تشتهي السفن، فقد كان لـ “فيرمينا” ولد سعيد بأن أمه وجدت من يعوضها عن فقد أبيه، وكان لها أيضًا بنت تعتبر ما تفعله أمها ليس سوى فعل أحمق لا يليق بمن في سنها.

استمرت الحال على ما هي عليه حتى تم طرد “فيرمينا” من منزلها من قِبَلِ ابنتها.

بعد ذلك الموقف الذي تم طرد “فيرمينا” فيه من بيتها، ذهبت مع “فلورينتينو” في رحلة على متن سفينة نهرية تمتلكها الشركة التي كان يعمل بها “فلورينتينو”، وفي هذه الرحلة تعود مشاعر الحب للحياة مرة أخرى في قلب “فيرمينا” التي صارت كَهْلة بعد أن بلغت السبعين عامًا، ولكن “فلورينتينو” يخدع جميع من في السفينة ويوهمهم بأن السفينة موجود بها وباء الكوليرا الذي أباد الملايين من البشر خلال فترة انتشاره، وهذا فقط لكي يخلو بحبيبته ويكمل معها رحلته على متن هذه السفينة.

تنهي الرواية وهما في السفينة وقد تعاهدا على حب بعضهما إلى الأبد حتى وإن كان عمرهما وشيب شعرهما لا يسمح لهما بذلك لكي يصلوا بذلك إلى مرحلة الحب الأبدي.

من هو غابرييل غارثيا ماركيز؟

في اليوم السادس من شهر مارس من العام 1927، وفي مدينة أركاتاكا بكولومبيا، ولد غابرييل غارثيا ماركيز الذي سطر اسمه فيما بعد كأحد أفضل الكتّاب الأدبيين على الإطلاق، ولكنه قضى معظم حياته في أوروبا ومدينة مكسيكو عاصمة المكسيك.

عمل ماركيز ككاتب روائي وصحفي وعمل أيضًا كناشط سياسي لفترة من الزمن.

يعد ماركيز أشهر روائي عالمي في الخمسين سنة الأخيرة، فقد حاز ماركيز على جائزة نوبل للآداب عام 1982، وذلك تقديرًا له على مساهمته في إثراء الأدب العالمي برواياته وقصصه القصيرة مرة تلو الأخرى.

بدأ ماركيز حياته ككاتب صحفي يستطلع أخبار مدينته ودولته ويكتب عنها، ثم عمل كمراسل صحفي لدى إحدى المحطات التليفزيونية الكولومبية، وظل كذلك حتى قرر الالتحاق برَكْب الروائيين والسير على خُطاهم، فكتب روايته الأولى “الأوراق الذابلة” في العام 1955 ولكنها لم تنل شهرة واسعة في ذلك الحين.

توالت رواياته رواية تلحق الأخرى حتى أصدر رائعته الأولى بعنوان “مائة عام من العزلة” في العام 1967، التي أثارت إعجاب الكثير من النقّاد والأدبيين والقراء.

ثم توالت إصداراته الواحدة تلو الأخرى، فأصدر رواية “خريف البطريرك” في العام 1975، ثم تبعتها رواية “وقائع موت معلن” في العام 1981، ومن ثمّ أصدر رواياته “الحب في زمن الكوليرا” التي كانت مدار حديثنا اليوم في العام 1985.

لم يكن ماركيز مجرد كاتب روائي أو صحفيٍ فحسب، بل كان أيضًا سياسيًا مخضرمًا ومبعوث سلام بين أطراف النزاع في دولته الأم “كولومبيا”، فقد شارك في العديد من مباحثات السلام كالتي أجريت بين الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني الكولومبي” وغيرها الكثير من الأعمال لصنع السلام بين أطراف النزاع في دولته وجعلها دولة مستقرة سياسيًا، مما جعله أحد أهم الأشخاص البارزين سياسيًا وإعلاميًا ليس في كولومبيا وحدها بل في قارة أمريكا اللاتينية بأكملها.

وفاة غابرييل غارثيا ماركيز

وفي اليوم السابع عشر من شهر إبريل من العام 2014، فقدت كولومبيا أحد أروع أدباءها وسياستها على الإطلاق، فتوفي “ماركيز” على إثر مرض أصاب رئتيه مؤخرًا، وقد قضى آخر أيامه في عاصمة المكسيك “مكسيكو” حتى توفي بها، وأعلنت كولومبيا ممثلة في رئيس الدولة الحداد على روح هذا الشخص العظيم، وقد ذكر رئيس الجمهورية الكولومبي آنذاك “خوان مانويل سانتوس” في خطابه حدادًا على روح “ماركيز”: “ألف عام من العزلة والحزن لوفاة أعظم كولومبي على مر التاريخ؛ هؤلاء العمالقة لا يموتون”.

اقتباسات من الرواية

  • “ما يؤلمني في الموت هو ألا أموت حبًّا”.
  • “كانت تقابله دومًا دون الادعاء بأنها تحبه، ودون مطالبته بأن يحبها، ولكن على أمل العثور على شيء يشبه الحب إنما دون مشاكل الحب”.
  • “سرعان ما أدركت أنَّ رغبتها في نسيانه كانت أقوى محرِّض لتذكره”.
  • “البشر لا يولدون دوما يوم تلدهم أمهاتهم، وإنما تجبرهم الحياة على ولادة أنفسهم بأنفسهم ثانية و بمرات عديدة”.
  • “الجراح قليلة الالتئام سرعان ما تعاود النزيف وكأنها جراح الأمس”.
  • “إن الحكمة تأتينا بالوقت الذي ﻻ تعود به ذات نفع”.

إلى هنا يكون قد انتهى موضوعنا لهذا اليوم، على أمل أن نكون قد استطعنا إفادتكم بهذه المعلومات البسيطة عن الرواية وعن كاتبها.


شارك