حكم و عبر من الحياة

منذ 1 شهر
حكم و عبر من الحياة

حكم و عبر في حياتنا هناك عدد من الحكم والعبر التي تعلمناها من خبرة السابقين، ومازلنا نتداولها إلى يومنا هذا  ؛ فالحكمة  لا تصدر إلا من  أهل الخبرة،  وأصحاب المعرفة،  وأصحاب العقول الراجحة؛  وفي هذا المقال سوف نقدم بعض الحكم والعبر الجميلة.

حكم و عبر “رجع بخفي حنين”

  • ترجع قصة “عاد بخفي حنين” إلى حكاية  رجل كان يسمى حُنين، وكان ذلك الرجل  يعمل إسكافياً يقوم بصناعة الأحذية في الحيرة بالعراق، و قد كان  هذا الرجل مشهوراً بصناعته الجيدة، وإتقانه لها،  وخبرته فيها، وفي أحد الأيام مرّ أمام دكان حنين أعرابي كان  يركب  بعير، ثم نزل من على ظهر البعير، ودخل عند حُنينٍ يسأله، و من ثم ينظر للأحذية التي يقوم حنين بصناعتها ،وقد أعجبه واحد  من هذه الأحذية فقام بسؤال حنين  عن السعر.
  • ثم بدأ الأعرابي في الجدال، والمساومة رغبتاً في تخفيض السعر، و كأنه يرغب في شراء هذا الحذاء، وبعد وقت طويل من الجدال اكتشف حنين أن هذا الأعرابي  قد عطّله عن عمله، وعن الزبائن الأخرين فانصرفوا عنه، وتسبب هذا الأعرابي في خسارة حنين لزبائنه، ولم يبع شيئاً.
  • لهذا السبب قرر حُنين الانتقام من هذا الأعرابي، وقرر أن يفرّغ غضبه  فراح وراء ذلك الأعرابي  من خلال طريق جانبي أسرع من ذلك  الطريق الذي قد  سلكه الأعرابي فأصبح حنين  أمام الأعرابي بمسافةٍ و قد أخذ الخُفين، ثم وضع أحدهما في الطريق، ثم وضع ذلك الحذاء الآخر بعد مسافة قريبة منه، و من ثم اختبأ في مكانٍ قريب  ليراقب منه  ذلك الأعرابي، وعندما وجد الأعرابي الحذاء قال: ما أشبه هذا الحذاء بخفي حُنين، ولكن   ذلك حذاء واحد فقط  فلو كان الثاني موجود معه لأخذته،  ثم تركه، وذهب في طريقه.
  • و من ثم بعد مسافةٍ بسيطة وجد الحذاء الآخر، وقرر أن يأخذه ثم رجع للأولى كي يأخذها، و قد ترك دابته  في مكان الحذاء الآخر، ولكن حُنين  كان مستعد فأخذ الدابة، وهرب ، وعندما عاد هذا  الأعرابي للمكان الذي ترك فيه  الدابة لم يجدها، فعاد إلى أهله خاسر دابته، وأغراضه، وما أحضره من هدايا لأهله كانت على ظهر الدابة، ، فاستغرب أهل الحي الخاص به من عودته راجلاً،  فسألوه فأجابهم0: عدت بخفي حنين، ومن هنا أصبح الناس يتداولون هذا القول ليعبر عن  من ذهب لأمر ثم عاد خاسر، ولم يستفد شيء من ذهابه بل خسر ما كان معهكما حدث في قصة حنين والأعرابي.

لا ناقة لي فيها ولا جمل

  • تعود قصة هذه الحكمة والتي أصبحت عبرة يستخدمها الناس في حياتهم إلى قصة شهيرة وهي: نزلت في يوم امرأة كان اسمها” البسوس” بالناقة الخاصة بها إلى قرب جساس بن مروة، و قد كان هذا الرجل  من سادة قومه. ثم مرت عدة أيام على إقامة البسوس  فدخلت الناقة الخاصة بالبسوس في الإبل الخاص بكُليب بن وائل فقام برميها بسهم فقتلها.
  • وقد كان كُليب بن وائل هو سيد قومه في عصر الجاهلية، وقد كان رجل  متجبراً، و قاسياً، يأمر الناس  فلا يعصاه أحد.
  • ولما وصل  جساس خبر مقتل ناقة البسوس التي نزلت في حماه، فغدر بها كليب فتربص جساس لكُليب وقتله، فاشتعلت الحرب بين قوم كُليب، وبين قوم جساس.
  • وكان هناك رجل شجاع، صاحب عقل، وماهر في الحرب، وهو من قوم جساس  يسمى الحارث بن عباد فرفض أن يساعد قومه في تلك الحرب، حيث  أنه لم يعجبه ما فعله جساس بكُليب، وهو سيد قومه بسبب ناقة، فقال قولته المشهورة (لا ناقة لي فيها ولا جمل).
  • فأصبح هذا القول  مثل يُضرب وما زلنا لوقتنا هذا نستخدمه من أجل أن يخلص المرء نفسه من أن يدخل فيما لا يخصه أو يبرء شخص أخر من تهمة لم يقم بها، فمن خلال تجارب السابقين نتعلم ونستفيد.

جوع كلبك يتبعك

  • “جوع كلبك يتبعك”، حكمة شهيرة تٌضرب في معاشرة الأشخاص اللئام وما يجب أن يعاملوا به، وقد يعتبرونه الكثيرون كأسلوب، وأيضاً سياسية في عملية  التعامل مع بعض الأشخاص  ممن يديروهم أو من أولئك  الذين هم أصغر منهم حتى يستمر هؤلاء في حاجة دائمة إليهم فلا يخرجوا عن طاعتهم، وهذه الحكمة  لها أصل قديم في أحاديث العرب،  وأول من قالها هو أحد ملوك  مملكة حمير، فقد  كان هذا الرجل عنيفا على شعبه، يغتصب أموالهم، ويأخذ حقوقهم فأخبروه  الكهنة أن شعبه سوف يقتلونه ولكن هذا الرجل القاسي كان لا يهتم بذلك.
  • في يوم سمعت زوجة الملك أصوات أهل  تلك المملكة  فكانت تسأله فنصحته أن يرحم هؤلاء لما يجدونه من المجهود والملك وأهله  في رغد  ورفاهية  وأخبرته عن مخاوفها من أن  يصيروا سباعا، بعد أن  كانوا لهذا الملك  اتباعا فأجابها قائلا :”جوع كلبك يتبعك” فأصبحت مثلا، وبقي  هذا الملك الظالم على حاله هذا لزمان طويل.
  • وقد قامت حرب بينه وبين واحد من أحد الملوك التي تجاوره فغزا بهم، ثم انتصر، و عندما غنم من تلك الحرب لم يقبل أن  يتقاسم معهم من الغنائم، فلما  خرج القوم  من عنده أخبروا  أخيه و قد كان أميرهم برغبتهم في التخلص من هذا الملك الظالم الطامع فوافق أخيه،  وكان قد معروف بغيه فقتلوه.
  • فلما مر عليه عامر بن جزيمة  بعد قتله ، وكان قد سمع  مقولته  قال أنه  ربما يأكل الكلب صاحبه في حالة  لم ينل شبعه فأصبحت مثلا نستخدمه ليومنا هذا عندما نجد من يستضعف غيره ويستقوي عليه ويستغل حاجته، فخبرة السابقين علمتنا الكثير، ووفرت علينا وقت وجهد .

اختلط الحابل بالنابل

  • سبب تداول هذا القول هو قصة : أصل هذا المثَل ، يروى أن هناك راعي يرعي الماعز ، كان يقوم بعد الموسم الخاص بالتزاوج أو ما يسمى  العشار ، كما يسمى في عالم الحيوان ،  أي أنه يقوم بعملية تعريب القطيع – أي القيام بالفصل بين الأنواع – ، فيعزل الماعز التي تسمى المعاشير  والتي تكون غزيرة اللبن  بمفردها، ويعزل الماعز  التي هي غير المعاشير بمفردها ، وذلك من أجل أن  يبيع  الماعز غير المعاشير  بمفردها ، ويحتفظ الماعز التي هي المعاشير  وغزيرة اللبن ، من أجل أن تدر عليه الأموال الكثيرة ، عند ببيع اللبن .
  • وتسمى تلك الماعز المعاشير بـالحابل ، وتسمى الماعز الأخرى غير المعاشير باسم  النابل ، و قد يحدث أحيانا أنه يمتزج الماعز المعاشير بغيرها من الماعز غير المعاشير أثناء عملية  التعريب ، فيقول ذلك  الراعي  الذي يقوم برعايتهم قولته المشهورة : اختلط الحابل بالنابل .
  • رواية أخرى :
    وفي زمن أخر ، يقال أن كلمة الحابل هم هؤلاء  الأشخاص الذين يكونون ممسكون بالحبال الخاصة بالخيل، وأيضاً الجمال في الحروب ، وأن كلمة النابل تطلق على الأشخاص الذين يقومون برمي النبل ، فحين يحدث اشتداد في  المعركة ، بين الطرفين المتعاركين ، ويختلط هذا بذاك، فيقال اختلط الحابل بالنابل .
  • ومازلنا حتى يومنا هذا نستخدم هذا المثل ليدل على عدم قدرتنا على تفريق الأمور التي قد اختلطت وامتزجت.

في ختام هذا المقال قدمنا لكم مجموعة من الحكم والعبر من خلال بعض الامثال الشعبية التي يتم استخدامها حتى يومنا هذا.

 


شارك