تأثير العولمة على الهوية الثقافية
تأثير العولمة على الهوية الثقافية، هو موضوع مقالنا اليوم الذي سنعرض لكم أعزائنا القراء من خلاله مختلف النقاط المهمة المتعلقة بالعولمة وتأثيراتها على مختلف جوانب الحياة، فقد أصبحت العولمة حديث الساعة في هذا الزمان، كما أنها تركت آثار عديدة وخلفت انعكاسات كثيرة على المجتمعات والأفراد، الأمر الذي أوقفنا واستدعانا لتدوين بعض الأمور المتعلقة بالعولمة انطلاقا من تعريفها ووصولا إلى تأثيراتها المختلفة في مختلف المجالات، كل هذا وذاك ستجدونه في السطور القليلة القادمة فتابعونا.
تأثير العولمة على الهوية الثقافية وما مفهوم العولمة
تأثير العولمة على الهوية الثقافية سواء العربية أو مختلف الهويات الكونية، فأي هوية تتميز بثلاثة مقومات تجعلها تنفرد بذاتها عن أي هوية أخرى، فمقومات الهوية عامة ترتكز على العقيدة واللغة والموروث الثقافي، فالاختلاف والتنوع في هذه المقومات هو الذي يخلق لنا العديد من الهويات التي تنتشر اليوم حول العالم بأسره.
مفهوم العولمة: تعد العولمة مصطلح جديد يشير إلى ظاهرة قديمة، وحسب ما جاء عن علماء التاريخ فإن مصطلح العولمة يعود إلى نهاية القرن السادس عشر، تزامن ظهورها مع بداية الاستعمار الغربي لقارة آسيا وأوروبا، ولأن مجالات العولمة عديدة فقد اختلف مفهومها من مجال لآخر، وفي العموم فإن العولمة هي محاولة لتوحيد مختلف ثقافات العالم وحصرها في قالب ثقافي معين وموحد دون مراعاة لأي فروق أيا كانت، ودون محاولة لاحترام ومراعاة لمعالم هوية الغير أو اعتبار للحدود السياسية لكل بلد
ويشار بالعولمة إلى سهولة انتقال المعلومات بين مختلف المجتمعات بكل حرية مطلقة، بدءا من انتقال الأفكار والمنتجات الإعلامية والثقافية، وانتقال رؤوس الأموال بين الدول، هذا ما أدى إلى جعل العالم بأسره كقرية صغيرة، كما يقصد بمصطلح عولمة الشيء أي منحه صبغة عالمية أو قالب عالمي موحد.
اختلف مفهوم العولمة باختلاف توجهات الباحثين، فيرى البعض منهم أن العولمة هي زيادة ترابط المجتمعات فيما بينها وذلك يعود إلى تبادل المنتجات والأموال والمعلومات، كما يرى فريق آخر من الباحثين أن العولمة ما هي إلا توحيد للنشاطات سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية بعيدا عن اختلافات أديانهم ومعتقداتهم ولغاتهم وأجناسهم.
إقرأ أيضًا : بحث عن التنمية المستدامة والمعوقات التي تقف أمام تحقيقها
تأثير العولمة على الهوية الثقافية
تعد الهوية الثقافية هي الكيان الروحي والشخصي للفرد، كما أنها المحرك لأي حضارة أو أمة، كما أن العولمة الثقافية تحمل في طياتها مضمون فكري يهدف إلى توحيد ثقافة واحدة في العالم كله.
تعريف الهوية الثقافية: تعد الهوية الثقافية هي مجموعة المبادئ السامية الأصلية والذاتية التي تنبغ من أفراد المجتمع الواحد، فهذه المبادئ هي التي تمثل كيان الأفراد الروحي والشخصي، وهذا ما يجعل الفرد يشعر بانتمائه لمجتمع ما يتميز عن غيره من باقي مجتمعات العالم.
تعد الهوية الثقافية هي المحرك لأي حضارة وهي التي تحكم حركة الإنتاج المعرفي وحركة الإبداع، كما أنها تمثل ذاتية الفرد وقيمه ونقاءه، وعليه فإن الهوية الثقافية تشمل عدة مقومات وهي كالآتي:
- العقيدة: يعد الدين أهم عنصر من مقومات الهوية الثقافية للأفراد، فالعولمة الثقافية بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي، حيث يدرك الصليبيون والصهاينة أن تشبث المسلمين بهويتهم وانتمائهم للقرآن بمثابة خطر عليهم وبالتالي فإنهم يسعون إلى طمس الهوية الثقافية الإسلامية في حرب منهم على الإسلام من خلال حملات التنصير والاستشراق
- اللغة: تعتبر اللغة العامل الأساسي للهوية الثقافية للأفراد والشعوب، فهي وسيلة التواصل والاحتكاك وسبيل لإثبات الهوية وتأكيد وجودها
- التاريخ والماضي: يعتبر التاريخ والماضي المشترك لشعب ما عاملا أساسيا يعبر عن الهوية الثقافية لديهم، فالتاريخ يبرز الاستعمار وحقيقته واستمراره بحلة جديدة تتمثل في العولمة الثقافية،
- العادات والتقاليد والأعراف: تعد العادات والتقاليد صميم الهوية لدى المجتمعات، وذلك من خلال إتباع مجموعه من السلوكيات والتعامل وفقا لثقافة تنظمها الأعراف والعادات والتقاليد
- الحقوق: وهنا نجد أن كل دولة أو شعب له منظوره الخاص به لمفهوم الحقوق والحريات المختلفة، ففي الإسلام تختلف الحريات والحقوق عن تلك التي يصرها العالم الغربي إلى الدول العربية والفقيرة لأنها مزيفة وتعتمد على ثقافة المادة لا الروح
- العقد الاجتماعي والعقد السياسي: لكل دولة عقد اجتماعي يتمثل في المبادئ والثوابت لأفراد هذا المجتمع، وما يعادله من طموح سياسي مبني على مرجعية العقد الاجتماعي، كما أن أي دولة تثبت هويتها الثقافية وتعبر عنها في المجتمع الدولي من خلال الدستور وإبرام القوانين.
- الأدب والفنون: تعبر الفنون المختلفة عن الهوية الثقافية لكل بلد، حيث يزخر كل بلد بفنونه المتنوعة كالفنون التشكيلية والمسرح والرسم والتمثيل، الشعر والتعبير القصصي وكذلك فنون العمران المتعددة، وكل نوع من هذه الفنون يحمل في طياته رسالة يسعى لتبليغها للغير.
- طريقة التفكير: التفكير تختلف باختلاف العقائد والديانات، فطريقة تفكير المسلم تختلف عن طريقة المسيحي على سبيل المثال، إذن فإن التفكير عنصر حساس للغاية في أي ثقافة
تأثير العولمة على الثقافة وما هي مجالات العولمة
لقد تحدثنا عن تأثير العولمة على الهوية الثقافية في الفقرة السابقة والآن ننتقل لتناول واستعراض مجالات العولمة المتعددة، فبما أن النشاط الإنساني واسع ويشمل عدة مجالات، فإن العولمة تتعدد مجالاتها كذلك وذلك على النحو الآتي:
- العولمة السياسية: هي تقليل مهام الدولة وتقليص فاعليتها، إلى جانب اعتبار الشركات المتعددة الجنسيات جزء لا يتجزأ فيما يخص اتخاذ السياسية للدولة
- العولمة الثقافية: هي السعي إلى دمج كل الثقافات في ثقافة واحدة موحدة حول العالم بأكمله وهي السعي للوصول إلى ثقافة العالم الواحد، من خلال حرية انتقال الأفكار والسلوكيات والأذواق عبر كل دول العالم
- العولمة الاقتصادية: لعل أبرز مظاهر العولمة الاقتصادية هو إنشاء منظمة التجارة العالمية التي تعد بلا قيود ولا حدود، وكذلك تعني الانتقال الحر لرؤوس الأموال والخدمات والسلع بين دول العالم
- العولمة الاتصالية: تتجلى العولمة الاتصالية من خلال بث القنوات التليفزيونية من خلال الأقمار الصناعية، وكذلك عن طريق استغلال شبكة الانترنت التي تربط البشر ببعضهم حول العالم بأسره، وللتعايش مع العولمة يجب التسلح بالمعرفة والعلم والتمكن من المهارات الضرورية للتعايش معها
ايجابيات وسلبيات العولمة
لكل شيء في هذا الكون ايجابيات وسلبيات، كذلك الأمر بالنسبة للعولمة فإنها سلاح ذو حدين، لنبقى معا لمعرفة ما هي ايجابياتها وسلبياتها:
ايجابيات العولمة:
- تشترط العولمة سعي الأفراد جاهدين إلى تحقيق النجاح واكتساب المهارات والكفاءات والرقي بآمالهم إلى درجات عالية
- تشجع العولمة الشخص على قول الحقيقة، كما تعزز الوضوح والشفافية في التعامل مع الآخرين
- تسعى العولمة جاهدة إلى الابتعاد عن التفكير التقليدي من خلال بناء عقول الأشخاص ذات تفكير موحد سليم
سلبيات العولمة:
- خلق فرق شاسع بين الدول الغنية والدول الفقيرة
- هيمنة الثقافة الأمريكية وذلك من خلال توحيد الثقافات لثقافة واحدة
- تعمل الشركات متعددة الجنسيات على السيطرة على الاقتصاد العالمي، هذا ما يعمل على إضعاف السيادة القومية للدولة
- انتقال المشاكل والأزمات حول العالم بأسره بشكل سريع، وذلك يعود إلى تطور مختلف وسائل الاتصال
وفي الختام نكون عزيزي القارئ قد تناولنا العديد من النقاط المهمة التي تتعلق بالعولمة ومدى تأثير العولمة على الهوية الثقافية، وتطرقنا كذلك إلى مجالات العولمة المختلفة، وفي الأخير ذكرنا لكم بعض من ايجابيات وسلبيات العولمة، والآن نرجو لك عزيز القارئ قراءة شيقة وممتعة وترقبونا في مقالات جديدة في شتى المجالات دمتم أوفياء لنا.