ما هو أبو الهول
ما هو أبو الهول؟ وهل هو ملك أم إله فرعوني؟ إن ذلك الكيان الضخم المستقر أمام الأهرامات المصرية الثلاثة يعد لغزًا محيرًا، لم يتم حتى الآن الكشف عن جميع تفاصيله مما يدل على عبقرية بنائه بالفعل وأنه لم يبنى بشكل عبثي.
لذا سنتعرف الآن من خلال موقع الماقه إلى إجابة سؤال ما هو أبو الهول، كما أننا سنتعرف إلى جميع التفاصيل التي تتعلق به، والتي تم اكتشافها من قبل العلماء والأثريين حتى الآن.
ما هو أبو الهول؟
ما هو أبو الهول؟ هو ذلك التمثال الضخم الذي يقع في منطقة الجيزة أمام الأهرامات الثلاثة، وهو عبارة عن نحت دقيق في صخرة ضخمة وهذا النحت عبارة عن تصوير لكيان له رأس إنسان وجسم أسد مرابط في مكانه، ويعد تمثال أبو الهول والأهرامات الثلاثة بهضبة الجيزة واحدة من عجائب الدنيا السبعة.
إن ما جعل تمثال أبو الهول في مصر واحدًا من عجائب الدنيا السبع هو ضخامة حجمه ودقة نحته وصلابة بنيانه، فكيف لتمثال كهذا من بقايا حضارة ولَّت منذ أمد بعيد، أن يبقى صامدًا في هذا المناخ الصعب وسط منطقة الجيزة التي تتميز بالشمس الحارقة صيفًا وشتاءً، متحديًا عوامل الزمن والمناخ والطبيعة وراسخًا حتى الآن؟
تفاصيل تمثال أبو الهول
ما هو أبو الهول وما هي تفاصيل بناءه وتصميمه المعماري الأثري؟ إن تمثال أبو الهول لم يكن في بداية عهده على شكله الذي نراه حاليًا وهو ما أكده علماء الآثار، فقد ثبت أن تمثال أبو الهول تم نحته من الحجر الكلسي ولقد كان مغطى بطبقة من الجص وكان ملونًا أيضًا، وهذا ما أثبتته الآثار التي لا تزال باقية خلف أذني التمثال.
يصل ارتفاع تمثال أبو الهول إلى حوالي ثلاثة وسبعين مترًا وخمس من عشرة، ومن ضمن ذلك الارتفاع هو ارتفاع قدميه الذي يبلغ حوالي خمسة عشر مترًا، بينما يبلغ عرضه حوالي تسعة عشر مترًا وثلاث من عشرة، أما أعلى ارتفاع له عن سطح الأرض فهو يصل إلى عشرين مترًا من قاعدته وصولًا إلى قمة رأسه.
قال علماء الآثار أن تمثال أبو الهول تم نحته وبناؤه باستخدام نيموليت الحجر الجيري المعروف لهذه المنطقة، والتي يعرف عنها بأنها تتألف من طبقات لديها قدرة عالية على مقاومة عوامل التعرية المختلفة مثل الرياح، وهل ما يمكن أن يفسر به التدهور اللا متكافئ الذي يظهر على جسم تمثال أبو الهول.
أما بالنسبة إلى الجزء السفلي من جسم أبو الهول بما فيه الساقين فهو مكون من صخرة صلبة، وباقي الجسم الحيواني فهو مكون حتى الرقبة من طبقات أكثر ليونة ولقد تعرضت إلى التفكك بنسبة كبيرة، وجزء الرأس في تمثال أبو الهول فهو يعد الأكثر تعقيدًا.
لقد وجد علماء الآثار بعض الأعمدة المسدودة أسفل وداخل جسد أبو الهول ويرجح أن من قام بحفرها هم لصوص المقابر قبل عام 1925م، كما توجد فجوة كبيرة في أعلى رأس أبو الهول ويرجح العلماء أنها بمثابة نقطة تثبيت لغطاء أو تاج الرأس المنحوت، والذي تمت إضافته للتمثال في عصر المملكة المصرية الحديثة.
اسم أبو الهول
ما هو أبو الهول أو ما اسمه الحقيقي؟ إلى الآن لم يتفق المؤرخون وعلماء الآثار والمصريات على تحديد اسم معين لأبو الهول، ولكن هناك بعض الإشارات إلى أن الاسم الذي أطلق على أبو الهول في عصر الدولة القديمة أي منذ ما يقرب من أربعة آلاف عام وخمسمائة عام، هو اسم “روتي” وهو رمز مقدس لدى الفراعنة يأتي في صورة أسد مهمته الحراسة.
أما في عصر الدولة الحديثة قام المصريون بإطلاق اسم “حور إم أخت” على تمثال أبو الهول، وحور إم أخت في اللغة الهيروغليفية تعني حورس الصقر في الأفق، ولقد تطور هذا الاسم في العصر المتأخر إلى اسم “حور ما خيس” واعتقد المصريون حينها أن أبو الهول هو رمز الشمس أو رع الذي يشرق ويغرب فيما بين الهرمين.
في عصر الدولة الوسطى أطلقت كلمة “شسب عنخ” والتي تعتبر الصورة الحية التي أطلقت على تمثال أبو الهول، ويرى بعض علماء المصريات إلى أن كلمة سفنكس ما هي إلا تحريف لاسم شسب عنخ، ولقد وصف التمثال على لوحة الحلم التي توجد ما بين مخلبي أبو الهول، على أنه شسب عنخ بمعنى التمثال أو الصورة الحية.
كما قد ظهر اسم آخر لأبو الهول وهو اسم “حورونا” وهو نسبة لحورونا الإله الكنعاني وهو إله الحماية الذي جاء إلى مصر مع بعض الأجانب الذين قاموا بالاستيطان إلى جوار أبو الهول.
أما بالنسبة إلى المسمى العربي لتمثال أبو الهول فما هو إلا تحريف من المسمى الفرعوني بر حول أو بو حول، والتي تعني بيت حورس الصقر والذي كان رمزًا للملكية في مصر القديمة، ولقد تم تحوير الاسم مع دخول العرب مصر فأضافوا حرف الألف قبل كلمة بو، وحرفوا حرف الحاء فأصبح هاء، لذا سمي بأبو الهول.
تاريخ بناء أبو الهول
في إطار الإجابة التفصيلية عن سؤال ما هو أبو الهول، يجب أن ننوه بأنه لم يتم حتى الآن الاتفاق فيما بين علماء المصريات، على إطار زمني محدد يمكن القول فيه بأن أبو الهول تم بناؤه خلال هذه الفترة، ولكن ذهب فريق كبير من العلماء إلى أن تمثال أبو الهول حوالي عام 2500 قبل الميلاد.
أما صاحب التمثال فقيل إنه الملك خفرع باني الهرم الأوسط، الذي قرر أن يبني هرمًا لنفسه بجوار هرم والده الملك الأكبر خوفو، وكانت هناك صخرة ضخمة توجد أمام الهرم فأمر النحاتين بنحت تمثال برأس إنسان ليدل على الحكمة والذكاء وجسم أسد ليدل على القوة.
كما يشهد العلماء والأثريون ببراعة ودقة اختيار موقع بناء أبو الهول، فهو يقع ضمن سياق المجمع الجنائزي الذي يحيط بالهرم الثاني الذي يرتبط بالملك خفرع، والذي يشمل معبد أبو الهول ومعبد الوادي ولقد تم بناء معبد أبو الهول باستخدام بعض الكتل المقطوعة من حظيرة أبو الهول، بينما اقتلعت كتل معبد الوادي من الهضبة نفسها والتي يبلغ وزن بعضها حوالي مئة طن.
تشوه تمثال أبو الهول
إن تمثال أبو الهول لم يكن على الحالة التي نشهدها به اليوم، بل كان تحفة فنية بمعنى الكلمة لم يكن ينقصها إلا أن تنطق فقط، لتشهد بعبقرية المصريين القدماء وبراعتهم في فن البناء والإنشاء والنحت، ولكن هذه التحفة الفنية الأثرية تعرضت إلى الكثير والكثير من العوامل الطبيعية والبشرية التي أدت إلى تدهور حالتها.
يرجع تشوه مظهر تمثال أبو الهول إلى عاملين مختلفين وهما:
1ـ العامل الطبيعي والزمني
إن الدهر كلما مر على أي شيء بدل حاله لغير حال، وهذه سنة الحياة التي فرضت على كل ما هو موجود على الأرض سواء أكان إنسان أو حيوان أو جماد، وهذا ما نجده واضحًا على الآثار القديمة مثل تمثال أبو الهول الذي تعرض إلى أقسى وأسوأ الظروف والعوامل الطبيعية بفعل الزمن.
إن أبو الهول يقع بشكل مباشر في مكان شديد الحرارة ويتعرض للشمس الحارقة بصفة مستمرة، بالإضافة إلى رطوبة الجو في الفصول المختلفة من السنة، بجانب أيضًا عوامل التعرية الهوائية أو الرياح وتعرية الرمال وغيرها، بالإضافة إلى حركة الرمال أو الكثبان الرملية من حول التمثال.
كما يجب أن نشير إلى الأمطار أيضًا التي عندما تسقط في مثل هذه المنطقة تسقط على هيئة سيول، كل تلك العوامل الطبيعية ومرور آلاف السنين على هذا البنيان كان من شأنها أن تجعل منه رمادًا منثورًا، ولكن صموده حتى الآن بهذه الهيئة يعد إعجازًا بشريًا لا نظير له ولن يتكرر حتى بعد ألف عام.
2ـ العامل البشري
على سبيل المثال كان لتمثال أبو الهول أنف وذقن، وبالفحص الكامل لوجه تمثال أبي الهول وجد أن الأزاميل أو العصي الطويلة التي دقت فيها أنف أبو الهول، توجد إحداها في الجزء الأسفل م الجسر والأخرى توجد في أسفل فتحة الأنف ثم يخرج الأنف نفسه باتجاه الجنوب، وجدير بالذكر أن ذلك الأنف المفقود كان يبلغ عرضه مترًا كاملًا.
أما بالنسبة إلى سقوط أنف وذهن أبو الهول فخرجت بعض الشائعات التي قالت إن نابليون بونابرت عندما أتى إلى مصر على رأس الحملة الفرنسية عام 1798م، قام هو وجنوده بتسليط مدافعهم على وجه تمثال أبي الهول وقيل بهدف التدريب وقيل بهدف اختبار قوة المدافع التي يستخدمونها، ولكن هذا الأمر تم تفنيده ونفيه تمامًا.
كما قيل كذلك أن سقوط أنف وذقن أبو الهول هو نتاج من فعل المماليك خلال القرن العاشر الميلادي، وقيل إنهم قاموا بذلك نتيجة لبعض الهجمات التي كانت تهدف إلى تحطيم الأيقونات.
الرأي الأخير وهو الأقرب إلى الصحة أن ذقن وأنف أبو الهول قد سقطت نتيجة قيام محمد صائم الظهر، وهو أحد الصوفيون المسلمين، والذي ينسب إلى خانقاه سعيد السعداء، قام في عام 1378م بتحطيم الأيقونات وعلى رأسها تمثال أبو الهول فقد قام بتشويهه.
قيل إن محمد صائم الظهر قام بذلك الفعل لأنه وجد الفلاحين المحليين يقومون بتقديس أبو الهول والتقرب إليه بتقديم القرابين إليه طامعين أنه سيقوم بمضاعفة محصولهم، ففعل ذلك لكي يثبت إلى المصريين أن تلك الأيقونات ما هي إلا مجرد تماثيل أو أوثان لا حول لها ولا قوة، ولقد ذكرت تلك الحادثة على لسان المؤرخ المسلم تقي الدين المقريزي.