الأعداد السابقة

القنبوس (الطربي).. العود اليمني القديم

فؤاد الشرجبي

تحتفظ اليمن بالعود رباعي الأوتار (القنبوس) أو (الطربي) من مئات السنين وحتى منتصف القرن العشرين الميلادي قبل دخول العود العربي إلى اليمن فترة الانفتاح الموسيقي في عدن، ويذكرنا القنبوس بالمزهر ذلك العود الرباعي الأوتار الذي أدخل عليه أبو الحسن علي بن نافع الشهير بزرياب (توفي في 852م). الوتر الحاد إلى جانب الأوتار الأخرى للمزهر (الزير، المثنى، المثلث، البم)، كما توجد نقوش سبئية فيها رسوم لعازف يحمل آلة موسيقية تشبه القنبوس بمصاحبة عازفي إيقاع.
وحتى الأن لم نجد سبباً يعود لتسمية العود اليمني القديم بـ(القنبوس) ولكن تسميته المعروفة بآلة (الطربي) في صنعاء نسبة للطرب الذي ينتج عنه أو تصغير لمفردة الطرب وهو المسمى الشعبي في اليمن للعود العربي والشرقي المعروف والمستخدم حتى الأن العود ذو الخمسة والستة أوتار.
والعود اليمني القديم عبارة عن قطعة واحدة منحوتة الجسم و الرقبة من خشب شجرة الجوز الرفيع (نصف جذع) يقطع بشكل طولي ويتم تفريغ الجذع من الداخل ليكون تجويف العود باستثناء الرأس الذي يُنحت من خشبة منفصلة ويضم المفاتيح و تلصق فيه بلحام خاص يدعى (العقب) وهو مصنوع من أقدام الأبقار ويغطى صدر العود برق من جلد الماعز، وفي الجانب الأيمن من العود من الخارج يكون (الزند) الذي تثبت فيه الأوتار وهو من جملة العود أساساً كما يوضع (الزند) على زند اليد اليمنى للعازف. في بطن العود على الرق توضع خشبة صغيرة تسمى (غزالة) وهي التي تحمل الأوتار مروراً إلى (المشط) الذي يحمل الأوتار في طرف الرقبة المرتبطة بالرأس الذي يحمل المفاتيح التي تثبت عليها الأوتار، و(المفاتيح) في العود اليمني عددها سبعة مفاتيح ثلاثة مزدوجة وواحد فقط منفرد تربط بأربعة أوتار طبيعية كانت تصنع من أمعاء الماعز، و تستخدم ريشة من ريش النسر للنقر بها على الأوتار لنستمع إلى أجمل الألحان والفريدة بصوت أنغامها التي تشعرك بعبق التاريخ والأصالة
وقد أشتهر الكثير من الفنانين اليمنيين بالعزف والتلحين لأجمل الأغاني اليمنية بهذه الآلة المميزة ومن خلالها وثقت مئات الأغاني اليمنية التراثية بأصوات رواد الغناء اليمني مثل الشيخ أبو بكر باشراحيل والشيخ إبراهيم الماس والقعطبي والفنان فضل اللحجي والعنتري والمسلمي والأخفش وغيرهم.
وللأسف آلة العود اليمنية (القنبوس أو الطربي) مهددة بالانقراض والضياع، فقد هجرها المطربون اليمنيون واستبدلوها بالعود العربي، ولم نعد نراها إلا في المتحف الوطني، أو عند بعض المطربين والمهتمين بالتراث الموسيقي اليمني وقد اقتنينا مجموعة من هذه الأعواد يعود عمر أحدها إلى أكثر من مئة عام ومنها ما تم صنعها في بداية القرن العشرين على يد الصناع والحرفيين اليهود اليمنيين ومنها ما تم صنعه في السنوات الأخيرمن وقتنا الحاضر على يد من تبقى في حرفة صناعة القنبوس
ومن الحكايات الظريفة التي تصاحب العود اليمني وخاصة في المناطق الشمالية من اليمن حيث كانت تحرم الموسيقى ويعاقب كل من يقوم بالعزف، حيث تفنن صانعو الطربي في صناعة الطربي بشكل فريد من نوعه بحيث يصنع الطربي من قطعتين يمكن طيهما على بعض ويسهل مع هذا الشكل إخفاء الآلة الموسيقية بسهولة أثناء التنقلات.
ومن الظريف أيضا ً الحكايات المتداولة حول وجود المرآة على آلة الطربي الموسيقية، وكما يقال... أن سبب وجود المرآة في قمة رأس العود وفي الجهة التي يستطيع الحاضرون من خلال المرآة رؤية القادم من بعيد خوفا من حضور العسس، وعند حضور العسس أو العسكر يقومون بتنبيه العازف المستغرق في انسجامه لذلك يقوم فورا بطي الطربي وإخفائه في أقرب مكان ويتحول الغناء فجأة إلى مولد (إنشاد وموشحات دينية) وبدون عزف.
كما أن هناك تفسير أخر لوجود المرآة في قمة رأس العود وهي أنه في الزمان القديم عندما كانت الجواري والقيان يؤدين الغناء والعزف في مجالس الأمراء كن في أوقات التوقف يراجعن ويتفقدن بالمرآة زينتهن على وجوههن.
وتفسير أخر بأن المرآة الموضوعة على رأس العود كانت زينة لآلة الطربي لا أكثر وتعمل أحيانا على انعكاس الأضواء لتعطي جواً من البهجة

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني