الأعداد السابقة

النتيكيت.. آداب التعامل على شبكة الإنترنت

أوس مطهر الإرياني

يتألف هذا المصطلح «النتيكيت NETIQUETTE» من كلمتين؛ الأولى نت NET ونعني بها شبكة الإنترنت، والثانية إتيكيت ETIQUETTE ومعناها آداب التعامل وقواعده، ومن هنا نتبيّن أن النتيكيت هو آداب التعامل في الإنترنت. وعندما نبحث في الإنترنت عن النتيكيت نجد مواضيع عدة تتحدث عنه بالتفصيل، ولن أعيد نشر ما ورد في هذه المواقع لكني سأذكر أهم النقاط التي توصي بها هذه المواضيع والتي تعتبر نصائح عامة يمكن أن تنطبق على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي جميعها:
أ‌. استخدم لغة مهذّبة لإيصال أفكارك حتى لو كنت تختلف مع الطرف الآخر في الرأي، فتجاوزك لحدود اللياقة والأدب تفقدك الحجة حتى لو كنت على حق.
ب‌. حاول أن تتمثل مقولتين مهمتين في جميع تصرفاتك على الشبكة العنكبوتية. «تنتهي حرية المرء عندما تبدأ حرية الآخرين» و«عامل الناس كما تحب أن يعاملوك».
وبعيداً عن هذه العموميات سأركز في هذا البحث عن مواضيع محددة تهمّ بشكل خاص الكُتّاب والمعنيين بالجانب الثقافي، إلا أن معظم ما سأورده ينطبق أيضاً على الفئات الأخرى. وسأتناول أهم النقاط التي يجب على المستخدمين للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مراعاتها:
أولاً- النشر في وسائل التواصل الاجتماعي:
1- استخدام التاغ: يستخدم التاغ سواء في المنشورات أو في الصور للإشارة إلى أشخاص قد يكونوا متواجدين في الصورة المنشورة أو لهم علاقة ما بموضوع المنشور، فالغرض منه هو تنبيه الشخص المشار إليه أن هذا المنشور يخصّه بشكلٍ أو بآخر. أما أن يستخدم التاغ للترويج للمنشور عند مجموعة كبيرة من الناس فهو استخدام خاطئ ومشين، يفقد التاغ معناه، وأشبّه دائماً هذه الحالة بزمور السيارة الذي يفترض أن ينبهك ويجعلك تتحفز لوجود شيء ما خطأ، إلا أن استخدامنا له بداعٍ وبدون داعٍ أفقده معناه ووظيفته!
2- استخدام الهاشتاغ: يساعد استخدام الهاشتاغ في المنشورات على المشاركة في حملة معينة أو مناصرة قضية ما، أو تجميع مجموعة من المنشورات تحت وسم معين. لكن البعض يقومون بإضافة الـ(#) لكل كلمة في منشوراتهم تقريباً، فيفقدونها قيمتها.
3- مجموعات الواتس أب: أما عن مجموعات الواتس فحدّث ولا حرج، وأتحدث هنا تحديداً عن المجموعات المخصصة لأغراض معينة، مثل: (المجموعات الثقافية – مجموعات العمل - ... الخ). فمن البَدَهي أن هذه المجموعات أنشئت لأغراض عملية معينة لكن ما أن يحل مساء الخميس حتى تصاب هذه المجموعات بالجنون وتنهال رسائل (جمعة مباركة) من كل حدب وصوب. لا أتذكر في حياتي أنني صحوت من نومي لأقول لأي شخص (صباح الخير)! فما بالكم أن ترسل في مجموعات عامة. إن هذه النوعية من الرسائل (صباح الخير – أسعدتم مساءً – وريحهم – جمعة مباركة... الخ) يجب أن لا ترسل أبداً في المجموعات ولا أجد لها مبرراً على الإطلاق، فتخيلوا معي أن هناك مجموعة واتس فيها 100 شخص (ولن أقول 256 وهو الحد الأقصى للمجموعة)، فلو أن نصف هذه المجموعة أرسل للمجموعة (جمعة مباركة) وأن الموجودين ردوا عليهم (علينا وعليكم) سنغرق في دوامة من الرسائل التي لا علاقة لها بموضوع المجموعة، وإذا أرسل أحد الأعضاء رسالة تتعلق بموضوع المجموعة ستضيع في خضم هذه الرسائل!
4- رسائل الخداع: وهي تنقسم بدرجة رئيسية إلى ثلاثة أنواع:
أ‌. الرسائل العنقودية: وتتخذ ذرائع متعددة أشهرها ما يتعلق بتوقف الخدمة إذا لم تنشر الرسالة إلى أصدقائك كرسالة الفيسبوك المشهورة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم ويبتدئ مرسلها الرسالة بأنه «مارك زوكربيرج» مؤسس الفيسبوك وأن الشركة بسبب الضغط على سيرفراتها ستضطر إلى تحميل المشتركين غير النشطين رسوماً على الخدمة ما لم يرسلوا هذه الرسالة إلى كل الأصدقاء المضافين لديهم. والنوع الثاني من هذه الرسائل يلعب على الوتر الديني واشتهر في النت باسم «انشرها ولك الأجر» وقد أجمع العلماء على عدم وجوب نشرها، بل ويجب تجاهلها وعدم تصديقها.
ب‌. رسائل المسابقات: وتعتمد هذه الرسائل على إغراء قراء الرسالة بجوائز قيمة إذا قاموا بمشاركة المنشور والتعليق عليه وعمل لايك للصفحة، وقد تختلف الطريقة والأسلوب لكن المبدأ يظل واحداً وهو جعل القارئ أن يسجل إعجابه بالصفحة وما أن تتجاوز الصفحة مئات الآلاف من الإعجابات حتى يتم بيعها بمبلغ كبير وتغيير عنوانها. وعادة ما يجعل المخادع في منطقتنا العربية الصفحة باسم أمير أو أميرة أو شيخ أو شيخة حتى يضمن أن ينخدع بها الناس بسهولة!
ج‌. الرسائل المالية: والنوع الأشهر في هذه النوعية من الرسائل، هو أن يرسل لك ابن أو بنت شخصية مشهورة أو قائد أو رئيس معروف أنه يمتلك أموالاً طائلة ورثها عن والده وأنه يريد مساعدتك في إخراجها، وفي المنطقة العربية تم إرسال رسائل كثير باسم رغد صدام حسين، وبنت القذافي وغيرهم. كما يندرج تحت هذا النوع من الرسائل رسائل «فك السحر»، أو «أنا عازبة أو مطلقة أو أرملة وأبحث عن زوج»، أو «أنا يتيمة وأحتاج من يساعدني».. الخ.
5- الفيسبوك والمسنجر: يعتبر الفيسبوك في اليمن الشبكة الاجتماعية الأكثر انتشاراً، وللأسف –كغيرها من الشبكات الاجتماعية- تعاني شبكة الفيسبوك من أخطاء في الاستخدام ومفاهيم مغلوطة، وكذلك برنامج المحادثة الخاص بالفيسبوك والمعروف بـ»المسنجر»، وسأورد هنا بعض هذه السلوكيات والمفاهيم الخاطئة:
أ‌. يجب التفريق في الفيسبوك بين الحسابات الشخصية والصفحات العامة، فعلى سبيل المثال إذا كان فلان من الناس كاتباً فعليه أن ينشئ حساباً شخصياً باسمه (لا يسمح الفيسبوك بإنشاء حساب باسم جهة أو اسم مستعار)، وهذا الحساب يُفَضَّل أن يقبل من الأصدقاء فيه من يعرفهم معرفة شخصية، ليقوم بعد ذلك بإنشاء صفحة خاصة به ككاتب ويمكن لكل متابعيه وقرائه أن يتابعوه من خلال هذه الصفحة دون الحاجة حتى لانتظار موافقته على طلب الصداقة. وهكذا باختصار يجب الفصل بين (الحساب الشخصي) و(الصفحة العامة).
ب‌. إن عملية (الإعجاب) و(المشاركة) ليست عملية (دَين وقضاء)، فتنتظر من فلان أن يعجب بمنشورك لأنك أعجبت بمنشوره، ولا أن يشارك منشورك كما شاركت منشوره، وليس من المنطقي أن تراقب كل من هم في حسابك هل «يتفاعلون» معك أم لا، وتهدد في منشوراتك أنك ستحذف «الأصنام» الذين لا يتفاعلون مع الصفحة كما يجب! إن هذا استخدام غريب للفيسبوك، فمن المفترض أن الموجودين في حسابك هم من الأقارب أو الأصدقاء أو المعارف، ومن المعيب أن تتعامل معهم بهذا الشكل المهين!
ج‌. جرت العادة أن يبديَ بعض المتواجدين في الفيسبوك امتعاضهم أن فلاناً نشر في حسابه الشخصي «سفرة عامرة بالملذات» –على سبيل المثال، دون أن يراعي شعور البعض. أو أن فلاناً ينشر أموراً «شخصية» على حسابه، معتبرين هذا شيئاً غير مقبول، وقبل أن تتسرعوا في تأييد هذا الأمر، ارجعوا إلى النقطة السابقة، فالحساب الشخصي هو حساب «يُفتَرَض» أن يضم فقط أقارب وأصدقاء صاحب الحساب الذين لا شكّ أنهم مهتمون بمتابعة ما يراه البعض «أموراً شخصية»، بل إن هذا هو الأساس الذي آلت إليه شبكة الفيسبوك بعد أن كانت مقتصرة على طلاب الجامعات.
د‌. لا شك أن قيود ما يعرض من المسلسلات على الشاشة الصغيرة (التلفزيون) أكثر بكثير من القيود المفروضة على الشاشة الكبيرة (السينما)، والسبب في ذلك أن التلفزيون يدخل إلى كل بيت، على عكس السينما التي تتطلب أن تذهب بإرادتك وعلى مسؤوليتك إليها. وعلى الرغم من أن الشبكات الاجتماعية ستصل بالتأكيد إلى عدد أكبر من التلفزيون نفسه من المتابعين، إلا أنه أقرب في قيوده إلى السينما، لأن متابعة الحسابات هي مسؤوليتك الخاصة، فلا يجب عليك أن تنتقد فلاناً على نشره هذا المنشور أو ذاك، أو تلك الفتاة لأنها نشرت صورة خادشة للحياء لأن بإمكانك بسهولة أن تلغي المتابعة وانتهى الأمر. إن هذه الحالات لهي أشبه بالضيف الذي استاء من مضيفه فطرده!
هـ. أما بالنسبة للمسنجر وهو برنامج المحادثة الخاصة بالفيسبوك، فلن أتحدث عن البديهيات من أمثال «عدم مضايقة النساء ومغازلتهن»، و»التحدث بأدب» إلى آخره.. لكني سأتحدث عن موضوع قد يبدو بعيداً عن كل هذا لكنه مهم جداً في فهم اختلافات البشر وأنماطهم، فليس الجميع يقف خلف باب المسنجر منتظراً أن ترسل له رسالة حتى يردَّ عليها! هل تصدّق هذه المعلومة؟! نعم يجب أن يعلم مستخدمو المسنجر –وغيرها من برامج المحادثة- أن للناس ظروفها وعاداتها في أوقات مطالعة الرسائل، وترتيبهم لأهميتها، ومنطقهم في الرد على ما يرونه مناسباً منها، ولا مجال «للزعل» لأن فلاناً لم يرد على رسالتك في حينه. ولست بالتأكيد مخوَّلاً لمراقبته لتقول: «لقد كان متصلاً طوال الساعة الماضية» فللناس كما قلنا ظروفهم التي لا يمكن لنا أن نلومهم عليها.
وفي الختام، فإن المدقق على هذه التوصيات سيجد أن معظم السلوكيات الخاطئة التي تحدثنا عنها منشؤها إيماننا بمحوريَّتِنَا، فنحن دون وعي منا نعتبر أنفسنا محور الكون، فالأولوية في الدوّار (الجولة) ليست للقادم من اليمين، بل هي لنا في كل الأحوال سواء جئنا من هذا الطريق أو ذاك أو ذاك أو ذاك!

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني